الأربعاء، 11 فبراير 2009

1








المقدمة
يسرنى و يشرفنى أن أقدم هذا البحث عن طموحات و تحديات نهرنا العظيم.
أتمنى أن ينال هذا البحث استحسان كل من يقرؤه ؛ لأنى لم آل جهدا و لم أدخر وسعا فى إعداده .
لقد قمت بتصميم موقع على الإنترنت خصيصا لهذا البحث و عنوان الموقع هو
http://www.egyniler.blogspot.com

وفقنا الله و إياكم للأمام دائما

الطالب / محمود أحمد عبد القادر على
كلية الطب البيطرى جامعة أسيوط الفرقة الأولى 2009
موقعه على الإنترنت www.drmahm.tk
www.drmahm.net.ms
البريد الإلكترونى drmahmk@hotmail.com
العنوان : مصر – المنيا – ملوى – 26 ش الحسينى – بركات – ر.ب 61631
محمول/0020119809640 - 0020185891835


جغرافية حوض النيلالمساحة: تبلغ مساحة حوض النيل والقرن الأفريقي 4.168.120 كم2 أي = 4.1 مليون كم2 وتشمل :أ- ‌دول حوض النيل وتتمثل في: 1- السودان = 60.1% . 2- مصر = 24%.ب- دول القرن الأفريقي وتتمثل فى:1- الصومال = 15.3% . 2- جيبوتي = 0.6%.وتشغل مصر والسودان الجزء الأكبر من حوض النيل أما الصومال وجيبوتي فتشغلان الجزء الأكبر من القرن الأفريقي.الموقع الفلكي :يمتد الإقليم بين دائرتي عرض : 2ْ جنوباً و 36و31ْ شمالاً وهو بذلك يمتد في حوالي ( 33ْعرضية ) كما يمتد بين خطى طول 22ْ - 52ْ شرقاً (30ْ طولية).أهمية الموقع الفلكي: تظهر هذه الأهمية في :1- يعتبر حوض النيل والقرن الأفريقي الإقليم الوحيد بالوطن العربي الذي يمتد جزء منه في نصف الكرة الجنوبي.2- تعدد وتنوع الأقاليم المناخية والنباتية لاتساع مساحته.3- تنوع استخدام الأرض ومواردها الاقتصادية.الموقع الجغرافي : (خصائصه )1- يقع في قلب الوطن العربي الأفريقي والآسيوي ويعتبر همزة الوصل بينهما.2- امتداده في قلب أفريقيا جعله حلقة اتصال بين الدول العربية ودول أفريقيا .3- ينقسم موقعه الجغرافي إلى قسمين وهما:القسم الأول:يتمثل فى دولتي حوض النيل وهما: مصر - السودان كجزء واحد متصل يطل على البحر المتوسط شمالاً والبحر الأحمر شرقاً وقد أدى ذلك إلى:1- ربط الإقليم ملاحياً بدول أوربا والأمريكتين عبر البحر المتوسط ومضيق جبل طارق.2- أصبح الإقليم منطقة عبور لمعظم تجارة العالم عبر قناة السويس.3- يطل بجبهة بحرية على البحر الأحمر الغربي حيث ربط بين الشرق والغرب.القسم الثاني:يتمثل فى دولتي القرن الأفريقي وهما : الصومال - جيبوتي حيث:1- يطل الإقليم بسواحل طويلة على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر وعلى خليج عدن والمحيط الهندي شرقاً وقد أدى ذلك إلى قيام مواني هامة مثل: كسمايو - مقديشو - جيبوتي.2- تأثر الإقليم بالمؤثرات المناخية البحرية والمؤثرات المناخية القارية.جغرافية حوض النيل:نهر النيل بين أنهار العالم:· يقع نهر النيل في النصف الشرقي من قارة أفريقية شمال خط الاستواء إذ يعد الظاهرة الجغرافية الكبرى البارزة والذي يتميز بالخصائص التالية :1- يعتبر أطول أنهار العالم حيث يبلغ طوله 6670 كم إذ يبدأ من نهر كاجيرا جنوباً حتى مصبه شمالاً (دمياط).2- يمتد نهر النيل من0 3,َ3 ْ جنوباً إلى 31.َ36ْ شمالاً وهو بذلك يمتد فى حوالي 35ْ عرضية ولا يوجد نهر آخر يشبه نهر النيل في اختراقه لهذا العدد من دوائر العرض وهو بذلك يمتد فى الأقاليم التالية :أ- ‌المنطقة الاستوائية حيث المناخ الاستوائي في هضبة البحيرات الاستوائية.ب- ‌المناخ شبه الموسمي في هضبة الحبشة.ت-‌المناخ المدارى الموسمي "السوداني" حيث المطر الصيفي والجفاف شتاءً.ث- ‌المناخ الصحراوي في شمال السودان ومصر.ج-‌المناخ شبه البحر المتوسط.وهو بذلك : 1- يصل ما بين قلب أفريقيا المدارى و الإقليم المعتدل حيث البحر المتوسط.2- يصل ما بين أقطار ذات حضارة بدائية وبين بلاد كانت في مقدمة العالم حضارة كما تختلف اللهجات واللغات والسلالات والديانات.3- يلتزم نهر النيل في جريانه ناحية الشمال باستمرار ويؤكد ذلك مصبه عند دمياط ومخرجه من بحيرة فكتوريا يقع كل منها شمال الآخر لا يفصلهما إلا خط طول واحد بسبب: أ‌طبيعة انحدار الأرض التي يجرى عليها نهر النيل والتي ترتفع في الجنوب وتقل كلما اتجهنا شمالاً.ب‌ يبدأ منبعه من منطقة استوائية غزيرة الأمطار طول العام.ج‌يختلف نهر النيل عن باقي أنهار العالم من حيث قلة مياهه في حوضه الأدنى وذلك بسبب:1- لا يوجد رافد بعد عطبرة يمده بالمياه لذ تقل مياهه كلما اتجهنا شمالاً.2- يجرى نهر النيل بعد عطبرة لمسافة كبيرة في منطقة صحراوية مرتفعة الحرارة نادرة الأمطار لذلك يزداد الفاقد من مياهه بالبخر والتسرب .3- يختلف نهر النيل عن غيره من باقي أنهار العالم من حيث طبيعة تكوين مجراه حيث نجد أنه من بين مراحل شبابه توجد صفات الشيخوخة والعكس وذلك بسبب:أ‌لم يتكون نهر النيل كنهر واحد بل أنهار منفصلة ثم اتصلت بعضها ببعض مكونه نهراً واحدا ً.ب‌ لم يتكون فى عصر واحد بل فى عصور مختلفة وظهور الجنادل والخوانق والشلالات تعتبر حلقات حديثة التكوين ربطت بين الأحواض القديمة ذات الأنهار الناضجة.س : لماذا تعتبر الأنهار أكثر العوامل الجيومورفولوجية إسهاماً فى تشكيل سطح الأرض ؟ج: تعد مياه الأمطار المصدر الرئيسي لكل أنواع المياه الجارية فوق سطح القشرة الأرضية مما أدى إلى :1- امتلأت المنخفضات بالمياه فتكونت البحيرات والمستنقعات.2- يظهر أثرها فى كل مكان على سطح الأرض.3- تعتبر الأنهار من المياه الجارية لأنها تجمع مياه الأمطار في مجاريِ محددة.تحديد حوض النيل· يقصد بحوض النهر " النيل " جميع الأراضي التي يجرى فيها النهر وروافده التي تنحدر نحو واديه بحيث تنصرف مياه أمطاره إليه ويضم جميع الإقليم التى تضمها حدوده الطبيعية حتى ولو كانت خالية من المطر مادام انحدارها العام متجهاً نحو مجراه.· تبلغ مساحة حوض النيل 2.9 مليون كم2 بما يعادل 10% من مساحة قارة أفريقياأولاً : التحديد الطبيعي أو المائي :يعرف الحوض بأنه الأرض المنخفضة المنسوب التى تحيط بها المرتفعات من كل جانب ويخلط هذا التعريف بين الأحواض النهرية والمنخفضات : س : ما الفرق بين الأحواض و المنخفضات ؟أ- ‌الحوض :1- له شكل محدد على شكل حرفV-U.2 - الأمطار الساقطة عليه تكون أنهار لها منبع و لها مصب .3- تصريفه خارجي. ب- المنخفض : 1- ليس له شكل محدد.2- الأمطار الساقطة عليه تكون مستنقعات ليس لها منبع ولا مصب.3- تصريفه داخلي.· ومن التعريف العام لحوض النيل تضاريسياً نجد أن الأمطار الساقطة على المرتفعات المحيطة بالأراضي المنخفضة تنحدر على سفوح المرتفعات هابطة إلى قاع الحوض أو شكل المنخفض حيث تنصرف..وينطبق ذلك على الأحواض النهرية إلا إنها تشذ بأن لها مخرجاً " مصب" قد يكون :-1- ذا تصريف خارجي : وهى الأنهار التى تنتهي إلى البحر أو محيط مثل نهر النيل.2- ذا تصريف داخلي : وهى الأنهار التى تصب فى : أ- ‌بحر مغلق : مثل نهر الأردن الذي يصب فى البحر الميت.ب- بحيرة: مثل الأنهار التى تصب فى بحيرة تشاد وأحياناً تنصرف المياه إلى قيعان على شكل بحيرات مالحة أو مستنقعات.ج- أخوار: حيث تنساب المياه على سطح الأرض عند مخرج النهر فى شكل دلتا فيضية تزرع بعد جفافها مثل دلتا خور القاش بالسودان أو تتسرب المياه إلى باطنها هذا الانحدار يكفى لإعطاء مياه النيل سرعة وجرياناً على طول مجراه.· لا يمثل القطاع الطولي لنهر النيل حوضاً واحدا بل عدة أحواض متداخلة تصرف مياهها إلى مجرى كبير ولذلك تكثر بأجزائه الشلالات والجنادل التى تعترض مجراه · القطاع العرضي :عبارة عن منحنى يبدأ من ارتفاع أحد الجوانب وينحدر إلى قاع النهر ثم يأخذ فى الارتفاع التدريجي مرة أخرى حتى يصل إلى أقصى ارتفاع فى الجانب الآخر.يسمى الانحدار الجانبي الوادي ويختلف اتساعه على طول مجرى النهر و يتسع فى بعض الأماكن ويضيق فى الجانب الآخر.· خط تقسيم المياه :هو الأرض المرتفعة المنسوب التى تفصل بين نظامين نهرين متجاورين أو بين حوضين متجاورين.الحدود الطبيعية أو المائية لحوض النيل: توجد عند أطراف الحوض وقد تكون بعيدة أو قريبة من مجرى النهر وهى عادة جبال أو تلال مرتفعة تفصل بين حوض النيل وأحواض الأنهار المجاورة له.حدود حوض النيل : 1. الحدود الشرقية:أ‌تبدأ من جنوب بحيرة فيكتوريا ملتزمة بالحافة الغربية للأخدود الشرقي في كل من كينيا و تنزانيا .ب‌تأخذ شكل قوس كبير شرق بحيرة فيكتوريا فاصلة بين أوغندا و كينيا .ت‌تتجه للشمال الشرقي تضم الجزء الأكبر من هضبة الحبشة .ث‌تتجه نحو الشمال الغربي ملتزمة بالحافة الغربية للأخدود الشرقي في كل من اريتريا- السودان- مصر .ج‌تتجه عند رأس خليج السويس نحو الشرق ثم الشمال لتضم شمال شبه جزيرة سيناء إلى حوض النيل .ح‌تخرج منطقة خور بركة في شرق السودان عن حدود حوض النيل لأن مياهه لا تنصرف إلى حوض النيل. 2- الحدود الغربية :أ‌تبدأ من جنوب غرب بحيرة فيكتوريا مع المنابع العليا لنهر كاجيرا ثم تجتاز الأخدود الغربي تتبع قمم جبال موفمبيرو التي تنحدر منها مجار مائية نحو الجنوب لتصب في بحيرة كيفو في حوض الكونغو .ب‌ تتجه الحدود إلى الشمال الشرقي مع الحافة الغربية للأخدود الغربي حتى النهاية الشمالية لبحيرة ألبرت .ج- تنحرف الحدود شمالاً إلى الغرب عبر خطوط تقسيم المياه بين روافد النيل شرقاً )بحر العرب بحر الغزال ) و بين روافد الكونغو .التحديد السياسي:وهو تحديد الدول التي يخترقها النيل وتقع فى حوضه ولها مصلحة فى مياهه والاستفادة منها وتنقسم إلى : أ-‌دول يقع معظمها فى حوض النيل وتشمل :1- مصر.2- السودان.3- الحبشة.4- أوغندة.5- رواندا.6- بورندى.ب-‌دول تقع أجزاء بسيطة منها فى حوض النيل وتشمل: 7- كينيا.8- تنزانيا.9- زائير.وتعرف هذه الدول التسع باسم دول الأندوجو.· الخريطتان السياسية و المائية:- تشترك دول متعددة فى حوض النيل. هذه الدول مساحتهــــا ( 8.8 م . كم2 ) أكبر من مساحة حوض النيل( 2.9 م كم2 ) ذاته وتبرز هذه الظاهرة فى :1- المنابع الاستوائية : يشترك ثلاث دول فى بحيرة فكتوريا وهى :تنزانيا - أوغندة - كينيا. 2- المنابع الاستوائية الأخدودية : وتشمل بحيرات ألبرت وإدوارد ونهر سمليكى وهى مشتركة بين أوغندة - زائير - رواندا - بورندى.3- المنابع الصيفية : " الموسمية" فى الحبشة - تتميز بأنها تقع كاملة تحت سيطرة سياسة واحدة تشقها المجارى العليا وأجزاء من المجارى الوسطي لروافد النيل الصيفية .4- القطاع الغربي : يقع الفاصل المائي في دارفور بالسودان عند جبل مرة ومنه تنحدر بعض الأودية نحو الجنوب إلى تشاد.أهمية دول الاندوجو لمصر : 1- يصل إلى مصر من إثيوبيا 84 % من المياه.2- أوغندة تمثل مخرج النيل ولها نصف بحيرتي ألبرت وإدوارد.3- كينيا وتنزانيا تشتركان مع أوغندة فى بحيرة فكتوريا.4- زائير تشترك مع أوغندة فى بحيرة ألبرت.5- رواندا وبورندى يتحكمان فى نهر كاجيرا.6- السودان يجرى جزء من النيل وروافده فى أرضيه

مشكلة تلوث مياه نهر النيل فى مصر
نهر النيل يتعرض لعديد من أنواع الملوثات التي تهدر من صفاتة وتجعله غير صالح إلى استخدامات الشرب والري, أو ما يعود بالضرر على الإنسان والحيوان.
قبل الحديث عن أنواع الملوثات أولا نعرف ماهو التلوث والملوث ؟
الملـــوث :
هو تلك المواد التي إذا وجدت في الماء أو زادت عن نسبة معينة سببت ضرر أو ضيق أو إزعاج إلى المستخدم والمستهلك.
بعض تعريف التلوث المائي :
هو وجود الملوثات والعناصر غير المرغوب فيه في المياه بكميات كبيرة أو بشكل يعيق استعمالها إلى الإغراض المختلفة كالشرب والري والتبريد وغيرها.........
أو هو تغير في الصفات الطبيعية أو الكيميائية أو البيولوجية للماء, يجعله مصدرا حقيقا أو محتمل للمضايقة, أو للأضرار بالاستعمالات المشروعة للمياه, وذلك عن طريق إضافة مواد غريبة تسبب تعكير الماء, أو تكسبه رائحة أو لون أو طعم, وقد يتلوث الماء بالميكروبات.
يعتبر المجرى المائي ملوث عندما يتغير تركيب عناصر اوتتغير حالته بطريق مباشر أو غير مباشر بسبب نشاط الإنسان بحيث يصبح الماء اقل صلاحية للاستعمالات الطبيعية, وإذا زاد تركيز عناصر التلوث يؤدى إلى استهلاك الأكسجين المذاب في الماء مما يسبب اختناق الأحياء المائية وهلاكها, وعند ذلك يتوقف عمل البكتيريا الهوائية التي تساعد على التنقية الذاتية للماء وتبدل البكتيريا الهوائية في الانتشار وتعمل على فساد الماء.
مما سبق يتضح أن :
تلوث الماء مفهوم نسبي, حيث لا توجد مادة في حالة نقية تماما, والماء مركب كيماوي ثابت التكوين, ولكن يتوقف مدى خطورة التلوث على المستويات المختلفة أو على نوعية الاستعمالات المرادة.
المبحث الثانى"بعض انواع الملوثات ومسبباتها واضرارها"

الملوثات البيولوجية:
يقصد بها وجود الكائنات الحية المرئية أو غير المرئية بالعين ـ نباتية كانت أم حيوانية ـ تلوث الوسط المائي ومن هذه الكائنات التي تسبب التلوث البيو لوجى للأوساط المائية: البكتيريا, الفيروسات, الفطريات, الأوليات الحيوانية, كما توجد أطوار دقيقة ( بويضات ـ يرقات ـ أطوار معدية) من دورة حياة بعض الكائنات نباتية كانت أم حيوانية للوسط المائي مثل بعض الطفيليات كالبلهارسيا والدودة الكبدية وديدان القناة الهضمية وكذلك الحشرات مثل البعوض وغيره..........
ومن هذه الكائنات ما يرى بالعين المجردة مثل بعض الطحالب والنباتات المائية وفيها لايمكن رؤيته إلا باستخدام المجهر, مثل البكتيريا واغلب الفطريات والأوليات الحيوانية. ويتوقف درجة انتشار هذه الكائنات على طبيعة وحجم تلك الكائنات فكلما كانت دقيقة كان انتشارها سهلا.
الأضرار الناتجة :
مما لا شك فيه إن مياه الصرف تحمل كثير من الميكروبات وعلى رأسها البكتيريا وتعمل هذه الميكروبات على تلويث المياه, وتلويث المنتجات المائية من اسماك ورخويات وقشريات وغيرها.
وإن المياه الملوثة قد تؤدى إلى تسمم أو قتل الإنسان ومن أهم البكتريا المسببة للأمراض آلاتية
السالمونيلا Salmonella
هي نوع من البكتريا تسبب مرض التيفود والباراتيفود وغيرها مثل الشيجيلا, فبرو كوليرا التي تسبب الكوليرا وغيرها.
ومن أهم الطفيليات التي تلوث الماء ديدان الإسكارس وديدان البلهارسيا...
ومن أهم الفيروسات التي تلوث الماء فيروس الكبد ـ خاصة الفيروس A ـ الذي يؤدى إلى الإصابة بمرض اليرقات ( الصفراء) .

التلوث العضوي
المواد : هي عبارة عن الفضلات النباتية والحيوانية الخام التي لم يتناولها اى انحلال بفعل الميكروبات ,وهى تحتوى كيمائيا على سبع مجموعات من المواد وهى:
1ـ المواد التي تذوب في الماء, وتشمل السكريات والجلوكوسيدات والأحماض الامينية وأملاح النترات والكبريتات والكلوريدات وأملاح البوتاسيوم.
2ـ المواد التي تذوب في الأثير والكحول, وتشمل الدهون والزيوت والشمــــــــــــوع.
3ـ الســيلــيــوزات. 4ـ الهيمسيليوزات .
5ـ اللجنينات. 6ـ البروتينات .
7ـ الأملاح المعدنية التي لا تذوب في الماء كسيليكات البوتاسيوم الماغنسيوم .
إذا خشعت الفضلات لعوامل الانحلال بفعل الميكروبات المختلفة في مياة النهر فإنها توجد في حالة توازن ديناميكي جيد ولكن إذا حدث خلل لتحلل هذة المواد يظهر ما يسمى بالتلوث العضوى .
الأضرار الناتجة:
$ تؤدى إلى نقص الاكسحين واختناق جذور النباتات وفقد
النتروجين في صورة الغازات نتيجة لنشاط عملية عكس التأزت .
$ اختلال نسبة الأكسجين إلى ثاني أكسيد الكربون مما يودى إلى التأثير
على العمليات الحيوية والكيماوية.
$ تتزايد إعداد الميكروبات بدرجة كبيرة في حالة وجود المواد العضوية
غيرالمتحللة وتزايد نشاطها يؤدى إلى أضرار جسيمة.
$ تؤدى الظروف الاهوائية إلى تكوين مركبات سامة تؤثر على نمو
النباتات .
$ انتشار الحشائش والنيماتودا والأمراض الفطرية والبكتري
التلوث بالمركبات السامة والمعادن

دخلت مصر عصر التحضر والتصنيع في أعقاب الحرب العالمية الثانية دون تخطيط علمي بيئي سليم ودون توافر اوتطوير للخدمات الأساسية والضرورة لهذا التطوير وقامت باستيراد المصانع التي تفتقر إلى الطرق والعمليات الصناعية الحديثة , ونرى الاتى :
تصب المصانع (50متر مكعب) سنويا من مياة الصرف الزراعي من خلال أكثر من(100) مصب على النيل والترع والمصارف منها ما هو معالج إلى حد ما ومنها ما هو غير معالج.
ولكن أمكن حصر أهم مصادر التلوث على نهر النيل وتحديد مناطق التركيز الصناعى التى تؤثر على جودة مياه النيل .(وهى كالاتى)
1ـ فى منطقة اسوان يمثل مصرف النيل الذى تتجمع به المخلفات الادمية والصناعية والزراعية نقطة تلوث هامة لمياة نهر النيل عند موقع الصرف
2ـ مجموعة مصانع السكر بكوم امبو ,ودشنا , وقوص , ونجع حمادى .
3ـ مصنعى شركة النيل للزيوت والصابون وشركة النصر لتجفيف البصل بسوهاج.
4ـ مصنع الشركة العالمية والصناعية باسيوط.
5ـ يوجد بحلوان(32)مصنع منها شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات .,وشركة النصر لصناعة السيارات , ومصنع الحديد والصلب , ومصنع النسيج, ومصانع أخرى للاسمنت وغيرها ....
6ـ مصانع التقطير والكيماويات بالحوامدية .
7ـ فى فرع رشيد عند كفر الزيات المخلفات ىالمنصرفة من شركة الملح والصودا المصرية وشركة كفر الزيات للمبيدات والكيماويات.
8 ـ فى فرع دمياط عند طلخا مخلفات شركة النصر للأسمدة.
يبلغ عدد العناصر الكيماوية المصنعة على مدى واسع والتى تعد من النتجات السامة اكثر من (1500) نوع ولكن ما نهتم به فى هذا البحث هو العناصر الثقيلة الموجودة فى المخلفات الصناعية وأثارها القاتلة على الانسان والكائنات الحية بوجه عام ومن تلك العناصر ما ياتى :


عنصر الزئبق :
مصدره:ــ المخلفات الناتجة من خلال التحليل الكهربى فى صناعة هيدروكسيد الصوديوم وغاز الكلور . وقد وجد ان الاحياء الدقيقة تحول الزئبق غير العضوى الى كتايون ميثيل الزئبق والذى يتحد بشد مع البروتينات الموجودة فى الجسم عن طريق مجموعة (-SH)التى توجد بها , وهذا يؤدى الى تركيزها فى السلسلة الغذائية . وهنا يتضح ان تخفيف النفايات السامة قبل صبها فى الماء قد لا يحل مشكلة التلوث . والتسمم بالمركبات غير العضوية للزئبق يؤدى الى خلل عصبى "Nervous Disorder"يسمى رعشة هاتر "Hatter Shekes"اى "رعشة القبعة" اما الاصابة بعنصر الزئبق فيؤدى الصداع والرعشة والتهاب المثانة وفقدان الذاكرة .
ام مركبات الزئبق العضوية ,و خاصة ميثيل الزئبق, فهو اكثر سمية لسهولة نفاذة فى الاغشية .,حيث يتركز فى الدم ويؤثر تأثيرا داءما على العقل والجهاز المركزى , والشاهد هنا كارثة ميناماتا في اليابان 1952م , والتى مات فيها اكثر من (52)شخص واصيب الاخرون بضرر دائم وقد اتضح ان سبب ذلك هو اعتاد افراد هذة القرية فى غذائهم على الاسماك التى احتوت على تركيزات من مركب الزئبق (CH3.HgS.CH3)
ومن المركبات او العناصر الثقيلة.....
الكادميوم Cd
يعد من اخطر الملوثات لتشابهة مع الزئبق فى انه له خواص تراكمية فى اجسام الكائنات الحية , حيث يتجمع فى كلية الانسان , كما ان هذا العنصر ومركباتة تتحد مع مجموعات (-SH)فى السيستسن Cysteineالموجودة فى البروتين وعلية فانه يثبط نشاط الانزيمات المحتوية على مجموعة (Sh ) والكادميوم سمكنه أن يحل محل الزنك فى بعض الانزيمات المحتوية علية .
الرصاص pb
من الملوثات ذات الاثر التراكمى السام القاتل والمميت فهو يتحدعن مجموعات أكسو (OXO-group)التى توجد فى الانزيمات فى جميع خطوات الهيم وايضا البورفين.
وهو كذلك عامل مثبط لوظائف العديد من الانزيمات , حيث انه يكون متراكبات عن طريق الاتحادبمجموعة (-SH) فى الانزيمات التى تحتويها وان كانت درجة اتحادة اقل حدة من حالات الزئبق والكادميوم .
اعراض التسمم بالرصاص :
المغص ,و الانيميا , والصداع , والتشنج , والمغص الكلوى . ومن طرق معالجة التسمم بالرصاص استعمال الكلابيات (Chelates)التى تكون متراكبات الرصاص مثل :ـEDTA

الزرنيخ :As
يدخل فى العديد من الصناعات , ومن اهمها :صناعة المبيدات وهو مثل باقى المعادن الثقيلة الاخرى ومركباتها, فان له تأثير ضار وسام على الكائنات الحية ,عندما يصل تركيزها الى حد معين , ونرى التأثير الضار للمعادن الثقيلة الموجودة فى مياه الصرف التى ادت الى تلوث محصول البلح وكان القرار يرجع لاحد المسئولين فى العيش وهذا ما كتب تحت عنوان (النخيل يموت واقفا فى العريش , ولم يتحرك احد لانقاذه).
"جريدة الاهرام 6/9/1996م. ص31

البقايا الحيوانية والفضلات والقمامة:
إنه من جهل الناس بحقيقة نهر النيل وانه مصدر الماء والاساسى ما يفعلوه فقد اعتبروه مصرف للتخلص من جثث حيوانات المزرعة النافقة او التخلص من الفضلات والقمامة واصبحوا يرمون به كل ما يخافون ان يجلب لهم اذى مثل القمامة "الطيور الميتة والمصابة بانفلونزا الطيور مأخرا" دون العلم بانهم جالبى الاذى لانفسهم عند القاءهم تلك الاشياء.
قديما كان فيضان النيل " قبل إنشاء السد العالى " يعمل عملية غسيل ذاتية سنوية للتلوث .,حيث كان النهر يزيد تراكم الملوثات وكانت حركة المياة المستمرة وتقلبها تساعد على طردالملوثات خارجا.

"بعض الحلول التطبيقية والواقعية"
ويجدر بنا أن نتبع سياسة مائية كما فعلت أمريكا كألاتى :
وقد كانت السياسة المائية سنة 1972 م قد ركزت على تحقيق نوعية مياه جديدة للصيد والاستحمام , وذلك لأن جودة المياه لم تكن عالية إلى الحد الذىيصلح لتكون حد لنوعية مياه صالحة للشرب .
مما أدى الى وجود معايير أكثر صرامة للنظام المائى ومواردها الصالحة للشرب .
فقد وضعت حد أقصى لمعاييرومستويات التركيزات البكتريا( (Bacteria
والعكارة ( Turbidity) والملوثات الكيميائية والأشعائية
Chemical & Radiological .
ثم تم وضع مستويات تقوم على معيار ( BAT)
"Best Available echnology " للملوثات التى تلوث المياه سواء المنظمة بالقانون والغير منظمة .
السيــــــاسة العقابيــــــة

الأحكام الخاصة بالجزاء وتنفيذه
فرضت أوضاع وكالة حماية البيئة ( EPA) لمعالجة الوضع الحالى غرامات إدارية ـ دعاوى مدنية ـ عقوبات جنائية .
والأن هناك نظام للجزاءات الإداري:

(1) النوع الأول : ويشمل الجزاءات التى تزيد عن10.000 دولار لكل إعتداء بحد أقصى 25.000 دولار ـ مع إجازة سماع الدفاع غير الرسمى فى هذه الفئة .
(2) النوع الثانى : وهى جزاءات لاتزيد عن 10.000 دولار عن كل يوم إعتداء بحد أقصى125.000 دولار وهناك فرصة للمحاكمة الرسمية ( سماع الدفاع فى محاكمة رسمية ) .


الأحكام الخاصة بالمسئولية : والشخص ( يشمل المسئولية الفردية والمشتركة ) الذى يلوث بعمد أو بإهمال يعتبر متهم وفقا لقانون المياه النظيفة ( CWA) ويعتبر محلا للعقوبة الجنائية .
وتصريف الموارد السامة فى نظام المصارف الذى قد تسبب حدوث إضرار شخصية. أو خسائر فى الممتلكات تعتبر الأن إعتداء جنائى ( جريمة جنائية ) .
واقعة الأهمال تكون عقوبتها الغرامة بين 2.500 الى25.00 دولار عن كل يوم إعتداء أو سنة واحدة حبس أو اثنين معا .
والحد الاقصى لهذه العقوبة يضاعف فى الحالة الثانية للاعتداء أو حالة التكرار .
الشخص الذى يعلم بوجود حالة خطر ـ يعلم بشخص يضع الملوثات تسبب ضرر جسيم أو الموت , يكون محل للعقوبة بحد أقصى 250.000 دولار والسجن 15 سنة مع إمكانية مضاعفة العقوبة فى حالة التكرار .
دعاوى المواطنين Citizens Suits :
الحق لأى مواطن فى رفع دعوى مدنية أمام المحاكم الفيدرالية للمقاطعات فى حالة الإعتداء على المعايير القانونية للملوثات والإعتداء على الأوامر الإدارية لها أو ضد EPA فى حالة عدم قيامها بما يتحتم عليها القيام به من واجبات فى هذا الشأن فيما عدا الحالات التى لديها سلطة تقديرية فى ذلك .
واذا ما رأت المحكمة فى ذلك صالح للمجتمع فإن القانون يجيز لها الحق فى إصدار الإنذارات الازمة أثناء نظرها لتلك الدعاوى .
كما يجوز للمحكمة أيضا أن تحكم بتوقيع غرامة مدنية على المخلف فضلا عن الغرامة التى تدفع من الخزانة العامة .
وفى حالات أخرى فإن هذه الدعاوى تنتهى بطريق التصالح الذى يتضمن قيام المخالف بدفع مبالغ لصالح المشروعات النافعة للبيئة مثال ذلك ( المشروعات البحثية للجامعات والتعليم العالى ) .

دور الطلاب و الباحثين فى مواجهة هذا التحدى

1 ـ عمل الاحتياطات الازمة لمنع تسرب مياه الصرف الصحى الى مياه نهر النيل .

2ـ التشديد على عدم صرف مخلفات المصانع , سواء كانت سائلة أو صلبة فى النهر .

3ـ تحريم وتجريم الحيوانات الميتة فى نهر النيل .

4ـ عدم إلقاء القاذورات والمخلفات والمواد الصلبة والبلاستيكية فى نهر النيل .

5 ـ نشر الوعى الصحى بين الفلاحين و تنظيم حملات توعية للمواطنين .

6ـ نشر الوعى الزراعى بين المزارعين حيث يتم التنبيه بعدم غسل الادوات ومعدات رش المبيدات الحشرية فى مياه نهر النيل( مياه الرى).

7ـ إتخاذ كافة الاجراءات الاذمة نحو تطبيق القانون الخاص بحماية المجارى المائيه وخاصة الانهار.

8 ـ إنشاء مراكز قياسات ثابتة على المجارى المائية , لمراقبة التلوث الذى يطرأ عليها .

9ـ ضرورة عمل صرف خاص للمصانع والمعامل العلمية وتجميعها بعيدا عن النيل .

10ـ مكافحة التلوث الذى يؤدى الى الامطار الحامضية التى تلوث النيل .

11ـ تحريم إستخدام مجارى المياه (النيل وغيره) كحمامات لتنظيف الحيوانات وغسيلهــا .
12ـ عدم الممارسات الجاهلة التى يقوم بها بعض الناس على ضفاف النيل مثل غسل الأوانى والملابس .


الاحتياجات المائية والاتفاقيات بين دول حوض النيل

نجحت مصر في عقد العديد من الاتفاقيات سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي، يصل عددها إلى أكثر من 15 اتفاقية، وقّع بعضها أبان فترات الاستعمار وكان لها تأثير على العلاقات الحالية بين مصر ودول حوض النيل.
أولاً: الاتفاقيات الثنائية:
1ـ الهضبة الإثيوبية: هناك خمسة اتفاقيات تنظم العلاقة بين مصر وإثيوبيا والتي يّرد من هضبتها 85% من مجموع نصيب مصر من مياه النيل هي:
أـ بروتوكول روما الموقع في 15 إبريل 1891 بين كل من بريطانيا وإيطاليا ـ التي كانت تحتل إريتريا في ذلك الوقت ــ بشأن تحديد مناطق نفوذ كل من الدولتين في أفريقيا الشرقية، وتعهدت إيطاليا في المادة الثالثة من الاتفاقية بعدم إقامة أية منشآت لأغراض الري على نهر عطبرة يمكن أن تؤثر على تصرفات النيل. ب ـ اتفاقية أديس أبابا الموقعة في 15 مايو 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا، تعهد فيها الإمبراطور منيليك الثاني ملك إثيوبيا بعدم إقامة أو السماح بإقامة أي منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل إلا بموافقة الحكومة البريطانية والحكومة السودانية مقدماً. ج ـ اتفاقية لندن الموقعة في 13 ديسمبر 1906 بين كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا. وينص البند الرابع منها على أن تعمل هذه الدول معاً على تأمين دخول مياه النيل الأزرق وروافده إلى مصر. د ـ اتفاقية روما وهى عبارة عن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وإيطاليا في 1925، وتعترف فيها إيطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما، وتتعهد بعدم إجراء أي إشغالات عليهما من شأنها أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي. هـ ـ إطار التعاون الذي تم توقيعه في القاهرة في الأول من يوليو 1993 بين كل من الرئيس المصري حسنى مبارك ورئيس الوزراء الأثيوبي ــ آنذاك ــ ميليس زيناوي، وكان لهذا الإطار دور كبير في تحسين العلاقات المصرية الأثيوبية، وتضمن هذا الإطار التعاون بين مصر وإثيوبيا فيما يتعلق بمياه النيل في النقاط التالية:
ـ عدم قيام أي من الدولتين بعمل أي نشاط يتعلق بمياه النيل قد يسبب ضرراً بمصالح الدولة الأخرى.
ـ ضرورة الحفاظ على مياه النيل وحمايتها.
ـ احترام القوانين الدولية.
ـ التشاور والتعاون بين الدولتين بغرض إقامة مشروعات تزيد من حجم تدفق المياه وتقليل الفواقد. 2ـ الهضبة الاستوائية: تُعد المصدر الثاني لمياه النيل حيث يصل 15% من مياهها إلى مياه النيل، وتضم ستة دول هي: كينيا، تنزانيا، أوغندا، الكونغو الديمقراطية، رواندا، بوروندي، وتنظم العلاقة المائية بينهم وبين مصر عدد من الاتفاقيات أهمها:
أ ـ اتفاقية لندن الموقعة في مايو 1906 بين كل من بريطانيا والكونغو ـ وهى تعديل لاتفاقية كان قد سبق ووقعت بين ذات الطرفين في 12 مايو 1894 ـ، وينص البند الثالث منها على أن تتعهد حكومة الكونغو بألا تقيم أو تسمح بقيام أي إشغالات على نهر السمليكي أو نهر أسانجو أو بجوارهما يكون من شأنها خفض حجم المياه التي تتدفق في بحيرة ألبرت ما لم يتم الاتفاق مع حكومة السودان. ب ـ اتفاقية 1929: وهى عبارة عن خطابين متبادلين بين كل من رئيس الوزراء المصري آنذاك محمد محمود وبين المندوب السامي البريطاني لويد، وكلا الخطابين موقعين بتاريخ 7 مايو 1929 ومرفق بهما تقرير للجنة المياه الذي سبق إعداده في عام 1925. ويعتبر هذا التقرير جزءاً من هذه الاتفاقية، وكان توقيع بريطانيا على هذه الاتفاقية نيابة عن كل من السودان وأوغندا وتنجانيقا ـ تنزانيا حالياًـ وجميعها دول كانت تحتلها بريطانيا آنذاك وأهم ما ورد في تلك الاتفاقية:
(1) ألا تقام بغير اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أعمال ري أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي ينبع منها سواء في السودان أو في البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.
(2) وتنص الاتفاقية أيضاً على حق مصر الطبيعي والتاريخي في مياه النيل.
ج ـ اتفاقية لندن الموقعة في 23 نوفمبر 1934 بين كل من بريطانيا نيابة عن تنجانيقا ـ تنزانيا حالياً ـ وبين بلجيكا نيابة عن رواندا وأوروندي ـ رواندا وبوروندي حالياً ـ وتتعلق باستخدام كلا الدولتين لنهر كاجيرا. د ـ اتفاقية 1953 الموقعة بين مصر وبريطانيا نيابة عن أوغندا بخصوص إنشاء خزان أوين عند مخرج بحيرة فيكتوريا، وهى عبارة عن مجموعة من الخطابات المتبادلة خلال عامي 1949 و1953 بين الحكومتين المصرية والبريطانية، ومن أهم نقاط تلك الاتفاقية:
ـ أشارت الاتفاقيات المتبادلة إلى اتفاقية 1929 وتعهدت بالالتزام بها ونصت على أن الاتفاق على بناء خزان أوين سيتم وفقاً لروح اتفاقية 1929.
ـ تعهدت بريطانيا في تلك الاتفاقية نيابة عن أوغندا بأن إنشاء وتشغيل محطة توليد الكهرباء لن يكون من شأنها خفض كمية المياه التي تصل إلى مصر أو تعديل تاريخ وصولها إليها أو تخفيض منسوبها بما يسبب أي إضرار بمصلحة مصر. هـ ـ اتفاقية 1991 بين كل من مصر وأوغندا التي وقعها الرئيس مبارك والرئيس الأوغندي موسيفيني ومن بين ما ورد بها: ـ أكدت أوغندا في تلك الاتفاقية احترامها لما ورد في اتفاقية 1953 التي وقعتها بريطانيا نيابة عنها وهو ما يُعد اعترافاً ضمنياً باتفاقية 1929.
ـ نصت الاتفاقية على أن السياسة التنظيمية المائية لبحيرة فيكتوريا يجب أن تناقش وتراجع بين كل من مصر وأوغندا داخل الحدود الآمنة بما لا يؤثر على احتياجات مصر المائية. 3ـ اتفاقيات المياه الموقعة بين مصر والسودان؛ هناك اتفاقيتان لتنظيم العلاقة المائية بين مصر والسودان وهما:
أـ اتفاقية 1929؛ تنظم تلك الاتفاقية العلاقة المائية بين مصر ودول الهضبة الاستوائية، كما تضمنت بنوداً تخص العلاقة المائية بين مصر والسودان وردت على النحو التالي في الخطاب المرسل من رئيس الوزراء المصري والمندوب السامي البريطاني:
ـ إن الحكومة المصرية شديدة الاهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التي يستخدمها السودان من مياه النيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية في تلك المياه.
ـ توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925 وتعتبره جزءاً لا ينفصل من هذا الاتفاق.
ـ ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال ري أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.
ـ تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية. ب ـ اتفاقية 1959: وقعت هذه الاتفاقية بالقاهرة في نوفمبر 1959 بين مصر والسودان، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة في إنشاء السد العالي ومشروعات أعالي النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان.. وتضم اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل على عدد من البنود من أهمها:
ـ احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار متر مكعب سنوياً وكذلك حق السودان المقدر بأربعة مليار متر مكعب سنوياً.
ـ موافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالي وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق، وما يستتبعه من أعمال تلزم السودان لاستغلال حصته.
كما نص هذا البند على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالي والبالغة 22 مليار متر مكعب سنوياً توزع على الدولتين بحيث يحصل السودان على 14.5 مليار متر مكعب وتحصل مصر على 7.5 مليار متر مكعب ليصل إجمالي حصة كل دولة سنوياً إلى 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان.
ـ قيام السودان بالاتفاق مع مصر على إنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر بهدف استغلال المياه الضائعة في بحر الجبل وبحر الزراف وبحر الغزال وفروعه ونهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض، على أن يتم توزيع الفائدة المائية والتكلفة المالية الخاصة بتلك المشروعات مناصفة بين الدولتين.
ـ إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان. ثانياً: آليات التعاون الإقليمي
نظراً للمستجدات المستمرة ولطبيعة الدول العشر المشكلة لحوض النيل وما شهدته من تطورات بعد زوال الاستعمار، وحرصاً من مصر على مد جسور التعاون مع دول حوض النيل لما تشكله من عمق إستراتيجي لمصر وما يمثله النيل في حياة المصريين، فقد أصبح من الضروري إيجاد آليات جديدة للتعاون الإقليمي بين دول الحوض إلى جانب الاتفاقيات السابق الإشارة إليها، وقد بدأت بالفعل هذه الآليات منذ الستينيات من القرن العشرين على النحو التالي: 1ـ هيئة مياه النيل: تم إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان تحت مظلة اتفاقية 1959، تعمل على دراسة وإنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر، وكان أهم دراساتها أربعة مشروعات تقع جميعها داخل حدود السودان ولا تؤثر على دول المنبع الأخرى وتوفر 18 مليار متر مكعب سنوياً بعد انتهائها وهى:
ـ مرحلة أولى من مشروع قناة جونجلي.
ـ مرحلة ثانية من مشروع قناة جونجلى.
ـ مشروع مشار.
ـ مشروع بحر الغزال.
وتضم هيئة مياه النيل لجنة فنية تجمع خبراء البلدين ـ مصر والسودان ـ، وتجتمع دورياً لحل أي مشاكل تعترض تنفيذ اتفاقية 1959. 2ـ مشروع الهيدروميت: وهى تعنى دراسة الأرصاد الجوية والمائية لحوض البحيرات الاستوائية، وقد انطلق هذا المشروع عام 1967 بمشاركة خمس دول فقط من دول الحوض العشر وهى مصر وكينيا وتنزانيا وأوغندا والسودان، وانضمت إليه بعد ذلك رواندا وبوروندي والكونغو الديمقراطية ـ زائير آنذاك ـ، ثم انضمت إثيوبيا بصفة مراقب.
وبمقتضى هذا الاتفاق أقيمت محطات رصد في مجمعات الأمطار الرئيسية ـ بحيرات فيكتوريا وكيوجا وألبرت ـ وقد حظي بتمويل دولي من العديد من الدول المانحة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأرصاد العالمية، وقد تم هذا المشروع على ثلاثة مراحل وهى:
أـ الأولى من 1967 وحتى 1972 بتمويل من برنامج الأمم المتحدة.
ب ـ الثانية من 1976 وحتى 1980 بتمويل من برنامج الأمم المتحدة.
ج ـ الثالثة من 1981وحتى 1992 بدعم من الدول المتشاطئة. 3ـ تجمع الأندوجو: وتعنى الإخاء باللغة السواحيلية، وقد كانت مصر صاحبة فكرة إنشائه بتأييد من زائير والسودان، ويضم أغلب دول حوض النيل في منطقة شرق ووسط أفريقيا، وقد أُعلن عن إنشائه أثناء انعقاد المؤتمر الوزاري الأول لدول حوض النيل والذي عُقد بالخرطوم في نوفمبر 1983، وكانت أهداف التجمع:
أـ التشاور والتنسيق في المواقف بين دول المجموعة تجاه القضايا الإقليمية.
ب ـ دعم التعاون بين دول المجموعة في مجال التنمية.
ج ـ تبادل الخبرات في كافة المجالات بهدف دعم التعاون الإقليمي.
د ـ أن تنعقد اجتماعات الأندوجو في إطار التعاون الإقليمي الوارد طبقاً لخطة عمل لاجوس الاقتصادية الصادرة في 1980.
هـ ـ دعم التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء في الاتفاقية. غير أن هذا التجمع صادفته كثير من العقبات التي حالت دون تحقيق أهدافه ومن أهم تلك العقبات:
أ ـ نقص التمويل الكافي لتمويل مشروعاته.
ب ـ التنافس الدائم بين إثيوبيا والسودان على استضافة لجنة المتابعة الدائمة. 4ـ تجمع التيكونيل: وهو تجمع للتعاون الفني بين دول حوض النيل للتنمية وحماية البيئة، وقد أُنشئ هذا التجمع في ديسمبر 1992 بمشاركة ست دول كأعضاء عاملين وهم: مصر ـ السودان ـ تنزانيا ـ أوغندا ـ رواندا ـ الكونغو الديمقراطية. وحصلت باقي الدول على صفة مراقب، واستمر مشروع التيكونيل خلال الفترة من 1992 وحتى 1998، الذي يُعد أول آلية منظمة تجمع دول الحوض بخطة شاملة تضمنت 22 مشروعاً، من أهمها مشروع إعداد إطار للتعاون الإقليمي القانوني والمؤسسي بين دول حوض النيل الذي شكلت له لجنة فنية قانونية تضم ممثلين من دول حوض النيل تجتمع بشكل دوري عدة مرات كل عام، وقد تحولت تلك اللجنة في 2002 إلى لجنة تفاوضية مشتركة. 5ـ المكتب الفني الإقليمي للنيل الشرقي (الإنترو) هو مكتب إقليمي تم تأسيسه في مارس 2001 بالاتفاق بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا، يقع مقره في أديس أبابا. وقد تأسس المكتب بهدف بحث المشروعات المائية المشتركة والتي تم تجميعها في برنامج العمل لحوض النيل الشرقي، ويتضمن البرنامج عدة مشروعات في مجال مراقبة الفيضانات وتوليد الكهرباء من مياه النهر ومن بينها:
أ ـ إنشاء آلية مشتركة لمراقبة الفيضان والإنذار المبكر من خلال المشاركة في المعلومات وتحليل البيانات والسعي لتخفيف حدة الفيضان.
ب ـ مشروع استثمار تجارة الطاقة بين الدول الثلاث والدول الأخرى وإنشاء شبكات ربط كهربائي.
ج ـ مشروع إدارة أحواض الأنهار ويهدف إلى تقليل كميات الطمي المترسبة في بحيرة ناصر لتحقيق الفائدة والتعاون على المستوى الإقليمي.
د ـ مشروع للري والصرف والاستثمار المشترك في المشروعات الزراعية المشتركة.
هـ ـ مشروع إنشاء نموذج رياضي للنيل الشرقي يهدف للتخطيط للمشروعات ودعم متخذي القرار بالحلول والبدائل سعياً لتجنب أي آثار سلبية على أي من دول الحوض.
و ـ مشروع نهر السوباط ـ البارواكوبو ـ ويهدف إلى توفير كميات المياه الكبيرة التي تضيع في المستنقعات وإحداث تنمية متكاملة في مجال الزراعة والطاقة. 6ـ مبادرة حوض النيل: تم توقيعها في أغسطس عام 2000، وتتمثل أهميتها في أنها تمثل بداية تأسيس صيغة تعاقدية مؤسسية قانونية بين دول المنطقة تقوم على أساس تنموي اقتصادي يضم دول الحوض العشر من جانب، وتعبر عن وجود تطور ملحوظ يسعى إلى تلافي الإخفاقات التي شهدتها محاولات التعاون المشترك السابقة من جانب آخر، وهي بذلك تُعد محدداً للعلاقات المائية بين دول حوض النيل، كما تتمحور حولها تفاعلات المرحلة الراهنة. تهدف المبادرة إلى بناء الثقة بين دول الحوض في مجال المشروعات ذات المنافع المشتركة التي تشمل بناء خزانات ومشروعات الربط الكهربائي، بالإضافة إلى تطوير إدارة الإنذار المبكر للفيضانات والجفاف وأعمال الوقاية مثل مشروعات مكافحة التصحر والجفاف واستخدام المساقط لتوليد الطاقة الكهربائية في مواضع الخزانات المختلفة في إثيوبيا.
التغيرات المناخية و أثرها على مائية النهر


مياه نهر النيل وشبح التبخر









يحاول العلماء تحديد مصير نهر النيل في المستقبل تحت عباءة ظاهرة التغيرات المناخية ومايصاحبها من ارتفاع درجات الحرارة ،فبعض العلماء يرجح ارتفاع منسوب مياهه مع تزايد تبخر المياه بينما يرجع البعض الآخر جفاف نهر النيل نتيجة تبخر مياهه . وهذا الاختلاف فيما بين العلماء يؤدي إلى تزايد القلق فانخفاض منسوب المياه بنهر النيل سيصاحبه عجز كبير في إطعام شعب مصر البالغ عدده ملايين المواطنين كما سيصاحبه نقص حاد في الموارد الكهربائية . ويتطلب الجدل السائر بين العلماء ضرورة وضع سياسات وخطط لكيفية مواجهة التغيرات التي ستطرأ على النيل نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري .
ومساهمة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في وضع حد للحيرة بين العلماء اشترك المركز القومي لبحوث المياه ووزارة المياه والري المصرية بوضع برنامج يساعد في كيفية التخطيط ومنح الحلول المجدية في إدارة الموارد المائية بالإضافة إلى وضع تخيل للتغيرات المناخية لحوض النيل وتأثيرها عليه وكيفية تلاشي الآثار السلبية لهذه التغيرات .كما سيتم استغلال هذا البرنامج في تطوير ما تم وضعه من حلول أيا كان تأثير التغير المناخي على النيل سواء كان بزيادة منسوب المياه أو بانخفاضها وهو ما أكده محمد بيومي الخبير البيئي ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي . والاختلاف فيما بين العلماء يرجح أن يزيد منسوب المياه بنسبة 70% في مقابل ترجيح انخفاض المياه بنسبة 25% وقد استقى العلماء هذه النسب بسبب تغيير أنماط سقوط الأمطار, ويرى فريق أن النيل سيرتفع نتيجة تساقط مزيد من مياه الأمطار على الهضبة الإثيوبية بينما يرى البعض الآخر انخفاض المياه نتيجة زيادة التبخر . وفي تقرير صادر عام 2004 عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ورد فيه " أن ارتفاع درجات الحرارة ولو لدرجة واحدة سيؤدي إلى ظاهرة التبخر حيث إن كل درجة يقابلها انخفاض في منسوب المياه بنسبة 4%" . وفي ظل هذا الاختلاف والجدل المحتدم حول ظاهرة التغير المناخي وتأثيرها على مياه النيل سواء بالزيادة أو النقصان تم وضع العديد من الخطوات من قبل المنظمات، والهيئات المختصة لكي يتم إتباعها لتجنب الخطر الناتج عن انخفاض مياه النيل . كما قامت العديد من المنظمات المهتمة بشئون المياه والنيل والبيئة بوضع سياسات للتصدي للوضع السئ الناجم عن تبخر المياه وانخفاض منسوبها فقد قامت وزارة المياه والري بوضع خطة تتضمن كيفية تطوير الموارد المائية، وكذلك كيفية تنفيذ هذه الخطة بطريقة فعالة ومجدية, فيما قدمت منظمة التعاون، والتنمية الاقتصادية اقتراحا يتضمن تجميع مياه الأمطار وتحسين تقنياتها والعمل على زيادة استخراج المياه الجوفية وعمل احتياطي للمياه. وفي ظل هذه الكارثة المتوقعة قالت نهلة أبو الفتوح بالمركز القومي لبحوث المياه في القاهرة"لم تقم أى بلدة من بلدان حوض النيل بإجراء بحوث حول ظاهرة التغير المناخي وتأثيرها الفعلي على نهر النيل بينما تقوم مصر بإجراء العديد من الدراسات حول التوصل إلى حلول قاطعة للحد من ظاهرة التغيرات المناخية" ويعتبر انخفاض منسوب المياه كارثة بجميع المقاييس في مصر حيث إن نهر النيل شريان الحياة لجميع المصريين و يوفر 95% من إجمالي المياه التي تحتاجها مصر للأنشطة الزراعية، والصناعية والاقتصادية .
كما يتركز حوالي ثلث سكان مصر بدلتا نهر النيل التي لا تمثل سوى 2.5 % من مساحة مصر الكلية وهو أكبر دليل على عدم قدرة المصريين على الحياة بعيداً عن النيل.









التغير العالمي للمناخ وذوبان الجليد والطوفان القادم الكبير






على ما يبدو فإن زمن وفاق قوى الطبيعة مع الجنس البشري قد انقضي بلا رجعة، وعلى ما يبدو فإن الإنسان أصبح عدو محيطه، بل عدو نفسه الأول، وذلك بما اقترف من أفعال خاطئة وسلوكيات استهلاكية أقل ما توصف به أنها جائرة وتفوق قدرة أي نظام بيولوجي أو إيكولوجي على الاستمرارية وعلى التحمل.
ينجلي هذا بوضوح من ردة بعض نظم الأرض البيئية علينا، ومن انتشاء متسلسلة الزلازل والعواصف والأعاصير والفيضانات المدمرة من حالة المهادنة التي عقدتها معنا خلال الأزمنة الماضية، وينجلي أيضا من ترهل حالة كوكب الأرض، وإصابته بجملة من المشاكل والمخاطر البيئية المحدقة، ليس أقلها انتشار الأمراض والأوبئة الفتاكة والغامضة، وفقد التنوع الحيوي وانقراض الكائنات، وزيادة موجات الجفاف ودرجة التصحر.
فضلا عن تبدل أحوال المناخ وتنامي ظاهرة الاحتباس الحراري، صاحبة الفضل الأوحد فيما تعانيه المعمورة حاليا من سخونة غير معهودة، واتشاح وجه البشرية بكل معالم العرق والغرق والقلق.
بواعث التغير المناخي وتداعياتهمن بين كل القضايا والمشاكل البيئية الثائرة تبقى قضية تغير المناخ، هي القضية الأكثر سخونة والأكثر إلحاحا على المجتمع الدولي حاليا، وذلك بما تفرضه من تأثيرات وتداعيات مستقبلية خطيرة، ليس أقلها جفاف بعض الأنهار وغرق أجزاء شاسعة من المناطق الساحلية، وتبدل خريطة مناطق الإنتاج الزراعي في العالم، وغير ذلك مما لا طاقة لنا به أو مقدرة. والحقيقة أن ظاهرة الاحتباس الحراري هي الباعث الأكبر على ما يحدث من تغير مناخي، فالانبعاثات والغازات الصناعية الضارة التي ينفثها الإنسان بلا هوادة كل دقيقة، بل كل ثانية في محيطه، تتصاعد لتتركز في الغلاف الجوي مسببة ما يعرف بتأثير الصوبة الزجاجية وهي انحباس الحرارة في الحيز الجوي القريب من سطح الارض، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة هذا الحيز بشكل ملحوظ ومتنام.
وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة معدلات البخر، ومن ثم زيادة كميات السحب عن معدلاتها، وبالتالي تغير توزيع ونسب وتوقيتات سقوط الأمطار في العالم، كما يؤدي إلى تغيرات كبيرة في الضغط الجوي، ومن ثم تغير مسارات الرياح السائدة.
وهذا في مجمله يعني زيادة الجفاف والتصحر في مناطق محددة من العالم دون أخرى، ويعني نقص الموارد المائية ومياه الشرب في بعض المناطق ونماءها في مناطق أخرى.
كما يعني اختلال تركيبة المحاصيل الزراعية، وبالتالي تغير خريطة الإنتاج الغذائي العالمي، بل ليس بمستبعد في ظل هذا الوضع أن يتطور الأمر إلى حروب مسلحة ونزاعات إقليمية، نتيجة تزايد الصراع على موارد المياه، ونتيجة الخلافات التي ستفرضها الهجرات الجماعية الناشئة عن المجاعات والفيضانات وغيرها من الأزمات.
غير أن أخطر تأثيرات الاحترار العالمي تتمثل في ذوبان أجزاء شاسعة من الكتل الجليدية في القارة القطبية، وزيادة حجم الكتل المائية في المحيطات والبحار الداخلية، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع منسوب سطح البحر بشكل ملحوظ ومؤثر، وطغيان البحر بالتالي على أجزاء واسعة من اليابسة، فيما يشبه طوفانا ثانيا كبيرا، وإن بدا أن هناك فرصة سانحة للنجاة منه.
من التأثيرات الخطيرة أيضا التسبب في ضعف حركة التيارات الساحلية الدافئة في المحيطات وتغير مداها ومساراتها، وهذا بدوره سوف يجعل أوروبا الشمالية أكثر برودة، وسوف يتسبب في دمار مساحات متزايدة من الشعاب المرجانية والموائل البحرية الأخرى الحساسة المماثلة.
المؤسف والمحزن أن تداعيات التغير المناخي وآثاره سوف تكون أشد وأقسى على الفقراء وعلى البلاد الأكثر فقرا، وهذا لسبب بسيط، هو أنها الأقل استعدادا والأقل قدرة على مواجهة ومجابهة مخاطر وآثار تلك المشكلة الخطيرة.
المحزن أكثر أن التغير المناخي سيتسبب في فقد أشياء لن يكون بمقدرونا إرجاعها أو حتى تعويضها. ارتفاع مستوى البحر مثلا سوف يتسبب في اختفاء مساحات هائلة من غابات المانجروف الساحلية ومن الحيود المرجانية العالمية، وهي من أكثر الموائل البيولوجية إنتاجية ومن أكثرها نفعا للإنسانية.
كما سيتسبب في غرق أجزاء كبيرة من السواحل خاصة أمام الدلتاوات البحرية، التي تعد من أكثر المناطق خصوبة ومن أكثرها غنى بالمصايد السمكية، كما هو حال دلتا نهر النيل، ودلتا نهر الميكونج بالصين، ومنطقة شط العرب، وغيرها.
تغير المناخ بين الاستنفار العالمي والسبات العربياللافت أن الاهتمام العالمي بقضية التغير المناخي قد بلغ درجة عظيمة لم تبلغها سابقا أي قضية علمية مماثلة، ومن معالم ذلك، حمل مجلس الأمن الدولي على مناقشتها وبحث تداعياتها، وهو أمر جديد تماما على مجلس أممي معني أساسا ببحث النزاعات والصراعات الدولية، وهذا وحده يوضح مدى خطورة الأمر ومدى الاهتمام والاستنفار العالمي به.

الغريب أنه في ظل هذا الاهتمام العالمي، وفي ظل تزايد عدد المبادرات والحملات والجهود البيئية الصادرة يوميا من مختلف أرجاء الأرض، بغرض إنقاذ الموقف والتعامل معه، لم نسمع عن إجراء أو نشاط عربي جدي واحد، يذكر العالم بأننا معنيون بالأمر، سواء كان هذا على مستوى التخطيط الإستراتيجي أو التوعية العامة أو خلافه.
فعلى صعيد التخطيط الإستراتيجي لم تكلف أي حكومة عربية نفسها بوضع أي خطط مستقبلية سواء لمواجهة مخاطر التغير المناخي، أو لإعادة تخطيط استخدامات الأراضي الساحلية الحالية، بما يتناسب مع الواقع المستقبلي، وبما يتناسب أيضا مع متطلبات التنمية.
المنطقة العربية تزخر مثلا بما لا يقل عن 20 ألف كيلومتر من السواحل الممتدة، يقطن بالقرب منها وعلى مشارفها ما لا يقل عن ثلثي السكان العرب، ومع ذلك لا زالت هناك مشاريع حيوية بل ومنشآت إستراتيجية هامة، تقام عليها كل يوم، وهذا دون اعتبار حجم الخسارة الناتجة، إذا ما تعرضت هذه السواحل لخطر الغرق مستقبلا.
نفس الأمر ينطبق على مستقبل الإنتاج الزراعي في بلادنا، وعلى احتياجتنا من الموراد المائية، حيث لم تهتم غالبية دول المنطقة بإيجاد أو بتطوير بدائل زراعية مناسبة، ولا بالبحث عن سبل لتنمية مواردها المائية أو ترشيد استهلاكها المائي.
الأسوأ من هذا أن يعمد بعض المسؤولين العرب إلى التهميش والتهوين من الأمر بشكل فج ومبالغ فيه، تارة بحجة عدم إثارة البلبلة، وتارة أخرى بالادعاء بأننا مستهدفون وأن هناك مؤامرة!
مثال ذلك ما صرح به مسؤول كبير في الحكومة المصرية الحالية، وهو بالمناسبة عالم متخصص في المياه والري، في تعليق له على تصريحات وزيرة الخارجية البريطانية بتعرض نهر النيل للجفاف ودلتاه للغرق نتيجة التغير المناخي، بأن هذا التحذير له "مضمون سياسي" ولا يهدف سوى إلى "إثارة البلبلة" بين دول حوض النيل!
هذا على مستوى الإدارة وعلى مستوى التخطيط الإستراتيجي، أما على صعيد البحث العلمي وهو قطاع مهم للغاية في هذه القضية، فالأمر يثير حقيقة كثيرا من الحزن والشجن.
الداعي لهذا أن الدوريات العلمية العالمية تكاد تخلو، على مدار عقد أو أكثر من النشر العلمي، من بحث عربي واحد ممنهج ومتكامل عن الآثار الإقليمية للتغير المناخي، وهذا رغم الحاجة الماسة لمعرفة مدى تأثير هذه الظاهرة على مستقبل المنطقة وعلى ثرواتها ومقدراتها.
الملاحظ أيضا غياب المؤسسات العلمية ومراكز البحوث العربية عن جميع الفعاليات والأنشطة العلمية الدولية المنوطة ببحث ظاهرة التغير المناخي، ويكفي هنا أن نذكر أن جميع الدراسات والتقارير الدولية الصادرة بشأن هذه المسألة لم تتصدر مطبوعاتها للأسف أسم هيئة علمية عربية واحدة، كما لم يقدم أي مركز بحثي عربي أي مساهمة أو جهد يذكر لتقديم ولو رؤية مغايرة بشأنها.
معطيات غائبة بشأن الطوفان المنتظر
ينبغي القول بأن الصورة ليست غاية في القتامة بشأن تداعيات التغير المناخي، فمع التسليم بأن هناك فعلا عددا من التأثيرات والتداعيات السلبية والخطيرة، كما أوضحنا آنفا، هناك أيضا بعض المعطيات والاعتبارات الإيجابية التي قد تضيء المشهد قليلا، نذكر منها هنا تلك المتعلقة بغرق المناطق الساحلية، وطغيان البحر، باعتبارها من أخطر تداعيات التغير المناخي، وأكثرها جسامة:
أولى هذه الاعتبارات أن ارتفاع مستوى البحر بسبب الاحترار العالمي وذوبان الكتل الجليدية هي فرضية مشروطة باستمرار معدلات التلوث الجوي على النحو السائد حاليا ومشروطة أيضا بعدم قدرة المجتمع العالمي على الحد من الغازات والانبعاثات الضارة المحفزة على التغير المناخي وأبرزها ثاني أكسيد الكربون.
وهذا معناه أنه لازال هناك أمل وبادرة أن يتم درء وتجنب ذلك الخطر، ولعل تعاظم وتشديد الجهود الدولية في الفترة الأخيرة، وليونة موقف أميركا، أكبر ملوث في العالم حاليا، تجاه المبادرات والاتفاقيات الهادفة للحد من الانبعاثات الضارة توحي وتزيد من هذا الأمل.
ثانيها أن مستوى سطح البحر أيا كان مقداره، وغرق أجزاء من السواحل أيا كان موقعها، لن يحدث بين يوم وليلة أو فجأة كما يتخيل البعض، بل سيأخذ ذلك بعض الوقت، وبالتالي ستكون هناك فرصة أكيدة لإجلاء وتهجير ساكني وقاطني هذه السواحل، ما يعني اقتصار مشكلة ارتفاع مستوى سطح البحر على الأضرار باقتصاديات هذه المناطق وعلى فقد مساحات شاسعة من الأراضي الساحلية، وهي مع الاعتراف بأنها من الخسائر الفادحة، فالأمر لن ينطوي على غرقنا فجأة كما هو معتقد.
ثالث هذ الاعتبارات أنه مقابل وجود احتمالية لارتفاع مستوى البحر بسبب أنشطة الإنسان الصناعية وغازات الدفيئة المنبعثة منها، هناك أيضا وفي المقابل احتمالية لحدوث تغير طبيعي (انخفاضا أو ارتفاعا) في مستوى البحر.
وهي ظاهرة طبيعية تعرف باسم, (التغيرات الثابتة في مستوى سطح البحر) تطال البحر تلقائيا كل فترة، ما يعني أن الظروف قد تكون رحيمة بنا بعض الشيء، وهذا إذا ما حدث انخفاض طبيعي في مستوى البحر، متزامن مع ذوبان الكتل الجليدية أو قبلها، ما يعني التخفيف من آثار الارتفاع الإجمالي الحادث.
ورابعها أن وضع مخاطر التغير المناخي في الاعتبار والاستعداد لها لا يعني بالضرورة هجر الأراضي الساحلية المنخفضة إلى مواقع داخلية مرتفعة، ولا يعني نثر البحر بحواجز بحرية ضخمة أو مصدات خرسانية باهظة التكلفة، بل يعني وضع خطة محكمة لاستخدام تلك الأراضي في إطار تخطيط إستراتيجي يتفق مع المخاطر المنظورة، ويتفق مع طبيعة هذه الأراضي، بحيث يتم تجنب عدم إقامة منشآت إستراتيجية أو حيوية بها.
العودة إلى الفطرة الأولى
لم يعد هناك شك في حقيقة أن المناخ يتغير من حولنا، كما لم يعد هناك شك في أن العالم يسير بهذا الشكل إلى ظلمات ومجاهل، لا يعلم مداها إلا الله.
مشكلة التغير المناخي ليست إذن بالمشكلة الهامشية أو الهينة، بل هي أخطر ما يواجه المجتمع البشري حاليا، لذا ينبغي علينا جميعا، أفرادا وجماعات دولا وتكتلات، عدم التواني في التعامل معها، وفي بحث كل السبل من أجل وقف تداعياتها المستقبلية.
إن التلكؤ في تنفيذ هذه الخطوة أو الممانعة فيها لن يزيد الأمر إلا تعقيدا ولن يزيد كوكبنا البائس إلا سخونة والتهابا، وبالمثل فإن التوسع في الجدل الدائر بشأن مسؤولية الإنسان والغازات الصناعية فيما يحدث من تغير مناخي، وبالتالي بشأن جدوى الإجراءات المتخذة لعلاجه لن يفيد في شيء، لأن ترشيد استخدامنا للطاقة والكف عن نفث سمومنا وغازاتنا الضارة في متنفسنا المحيط سيبقى في جميع الأحوال فضيلة كبيرة ومعلما من معالم التحضر، التي يفترض أن نتميز به عن بقية المخلوقات الأخرى.
ينبغي إذن على الجميع القيام بالمسؤولية الواجبة عليه تجاه درء هذا الخطر الداهم. والواقع أنه بإمكان كل واحد منا المساهمة في إنقاذ مستقبل الأرض، وفي إنقاذ أولاده وأحفاده من براثن الطوفان القادم، وذلك بأن يزيد من اخضرار تصرفاته وأعماله اليومية، وبأن يعود إلى فطرته الأولي المحبة والمراعية لقدرات النظم البيئية المحيطة، هذا هو الرجاء، أما القضاء فلا نسأل الله سوى اللطف فيه.



هل تبدأ حروب المياه من حوض النيل؟

في عام 1929 أبرمت الحكومة البريطانية -بصفتها الاستعمارية- نيابة عن عدد من دول حوض النيل (أوغندا وتنزانيا وكينيا) اتفاقًا مع الحكومة المصرية يتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه‏ النيل، وإن لمصر الحق في الاعتراض (الفيتو) في حالة إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر وروافده، وتبع هذا اتفاقية مصرية سودانية عام 1959 تعطي لمصر حق استغلال 55 مليار متر مكعب من مياه النيل من أصل 83 مليار متر مكعب تصل إلى السودان ليتبقى للخرطوم 18 مليار متر مكعب من مياه النيل.
ومنذ استقلال دول حوض النيل وهناك مطالبات متزايدة من جانب حكوماتها بإعادة النظر في هذه الاتفاقيات القديمة، بدعوى أن الحكومات القومية لم تبرمها ولكن أبرمها الاحتلال نيابة عنها، وأن هناك حاجة لدى بعض هذه الدول خصوصًا كينيا وتنزانيا لموارد مائية متزايدة؛ حتى إن دولة مثل تنزانيا أعلنت منذ استقلالها أنها ترفض هذه الاتفاقية من الأصل، ولا تعترف بها، بيد أن الرد المصري كان دومًا يطالب باحترام الاتفاقات التاريخية المبرمة كي لا تتحول القارة الأفريقية إلى فوضى.
وقد ظلت دول منابع النيل (خاصة تنزانيا وكينيا وأثيوبيا) تطالب دومًا بتعديل الاتفاقية، وتهدد بتنفيذ مشروعات سدود وقناطر على نهر النيل تقلل من كميات المياه التي ترد إلى مصر، بيد أن هذه التهديدات لم ينفذ أغلبها، وقابلتها القاهرة بمحاولات تهدئة وتعاون فني واقتصادي وأحيانًا تقديم مساعدات لهذه الدول خصوصًا أوغندا.
ويبدو أن ثبات كميات المياه وتزايد سكان دول حوض النيل، وزيادة المشاريع الزراعية، إضافة إلى تدخل جهات أجنبية بالتحريض (إسرائيل وأمريكا)، يدفع تدريجيًّا باتجاه كارثة مستقبلية في المنطقة؛ لأن دول مصب النيل (خصوصًا مصر التي تعتمد على النيل بنسبة 95% لتوفير المياه) تعتبر مياه النيل مصدر حياتها وترفض تغيير الاتفاقات القديمة بل وتطالب بزيادة حصتها من المياه، وبالمقابل تعتبر دول المنبع أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق بالتالي ليس فقط في حجزها في سدود، ولكن في بيعها أيضًا لمصر والسودان!!
صحيح أن مصر اتبعت إستراتيجية التعاون والتهدئة مع دول الحوض والسعي لمساندة هذه الدول في زيادة مواردها المائية وتنمية مشروعاتها الزراعية (بدون تأثير على حصة مصر)، كما حدث مع أوغندا بمساعدتها عام 1949 في إنشاء قناطر شلالات أوين لتوليد الكهرباء من بحيرة فكتوريا ثم تعليتها عام 1991، بيد أن تصاعد التهديدات من جانب كينيا وتنزانيا وأثيوبيا بتنفيذ مشاريع مستقلة على مجرى النيل، وبدء بعضها ذلك بالفعل أعاد فتح الملف مرة أخرى وسط مخاوف من أن تبدأ حروب المياه من حوض النيل.
المشاريع المستقلة تشعل حوض النيل
فقد عادت المناوشات بين دول حوض النيل (عشر دول) للظهور مرة أخرى خاصة بين مصر وتنزانيا في أعقاب صدور تصريحات لوزير الثروة المائية التنزاني في فبراير 2004 قال فيها: إن بلاده ترغب في تزويدها بمياه بحيرة فيكتوريا عبر أنابيب تمتد بحوالي 170 كيلومترًا لتوصيلها إلى حوالي 24 قرية وأجزاء واسعة في الشمال الغربي لبلاده تتعرض -كما قال- لأزمة المياه والجفاف؛ الأمر المتوقع أن ترفضه مصر والسودان باعتبارهما من دول المصب لنهر النيل؛ لأنه سيؤثر على حصتهما من المياه.
وزاد الوزير التنزاني الأزمة اشتعالاً بقوله: إن الاتفاقيات المائية المبرمة في عهد الاستعمار (يقصد اتفاق 1929 بين مصر وبريطانيا لتنظيم استفادة مصر من بحيرة فكتوريا) التي تعطي الحق لمصر أن توافق أو لا توافق على أي مشروع يقترحه أي طرف من أطراف دول حوض النيل للاستفادة من المياه "لا تلزم بلاده"!! وإنها لن تلتزم بهذا الاتفاق وستمضي قدمًا في إنشاء مشاريعها دون استشارة مصر، مشيرًا إلى أن المشروع سيبدأ مارس 2004 لينتهي العمل فيه عام 2005 بتكاليف 7807 ملايين دولار!
وقد لوحظ أنه أعقب تصريحات الوزير التنزاني حالة من القلق المصري، وترأس الرئيس المصري مبارك اجتماعًا وزاريًّا ضم وزراء الدفاع والإعلام والخارجية والموارد المائية والداخلية تناول مشروعات التعاون بين دول حوض النيل عمومًا: (كينيا وتنزانيا ومصر وأوغندا والسودان وبورندي ورواندا والكونغو وأثيوبيا وأريتريا).
ولكن ظل التعامل المصري مع ذلك هادئًا، حيث تمت الموافقة خلال هذا الاجتماع على مذكرة وزير الموارد المائية المصري حول تقديم كل العون والتنسيق مع دول حوض النيل سواء داخل المبادرة أو خارجها في مجال التدريب أو تبادل الخبراء والمساعدة في إيجاد التمويل اللازم للمشروعات التي تعود بالفائدة على دول الحوض، وذلك "في إطار احترام حقوق حصص المياه التي حددتها الاتفاقيات القائمة"، كما تقرر أن يقوم وزير المواد المائية المصري محمود أبو زيد في مارس 2004 بجولة في أوغندا وكينيا وبوروندي.
وتعود الأزمة المائية بين مصر ودول الحوض إلى تاريخ إعلان استقلال "تنجانيقا"، ثم وحدتها مع "زنزبار" في دولة تنزانيا عام 1964، حيث أصدر الرئيس التنزاني في ذلك الوقت "نيريري" إعلانًا باسم "مبدأ نيريري" يقول بعدم الاعتراف بالاتفاقيات التي عقدتها الدولة الاستعمارية قبل إعلان الاستقلال ومن بينها اتفاقية 1929.
وقد انضمت إلى هذا المبدأ أوغندا وكينيا وطلبت الدول الثلاث من مصر التفاوض معها حول الموضوع، ثم وقعت تنزانيا مع رواندا وبوروندي اتفاقية نهر كاجيرا عام 1977 التي تتضمن بدورها عدم الاعتراف باتفاقات 1929، بل وطلبت حكومة السودان بعد إعلان الاستقلال أيضًا من مصر إعادة التفاوض حول اتفاقية 1929.
كذلك أعلنت أثيوبيا رفضها لاتفاقية 1929 واتفاقية 1959 في جميع عهودها السياسية منذ حكم الإمبراطور ثم النظام الماركسي "منجستو" وحتى النظام الحالي، بل وسعت عام 1981 لاستصلاح 227 ألف فدان في حوض النيل الأزرق بدعوى "عدم وجود اتفاقيات بينها وبين الدول النيلية الأخرى"، كما قامت بالفعل عام 1984 بتنفيذ مشروع سد "فيشا" -أحد روافد النيل الأزرق- بتمويل من بنك التنمية الأفريقي، وهو مشروع يؤثر على حصة مصر من مياه النيل بحوالي 0.5 مليار متر مكعب، وتدرس ثلاثة مشروعات أخرى يفترض أنها سوف تؤثر على مصر بمقدار 7 مليارات متر مكعب سنويًّا.
أيضًا أعلنت كينيا رفضها وتنديدها -منذ استقلالها- بهذه الاتفاقيات القديمة لمياه النيل لأسباب جغرافية واقتصادية، مثل رغبتها في تنفيذ مشروع استصلاح زراعي، وبناء عدد من السدود لحجز المياه في داخل حدودها.
ويقول الكينيون: إن بحيرة فيكتوريا هي أكبر مصدر للمياه العذبة في العالم، إلا أن كينيا لا تستطيع أن تستخدمها حتى لأغراض الزراعة بسبب بنود معاهدة حوض النيل، ويلقون باللوم على المعاهدة في أن 67% من الأراضي الزراعية الكينية غير قابلة للزراعة، على الرغم من أن الزراعة هي الدعامة الأساسية للاقتصاد الكيني؛ حيث تساهم فيه بنسبة 80%.
وقد صعّدت كينيا الأمر في 11-12-2003 بإعلان نيتها الانسحاب من معاهدة حوض النيل التي أبرمت أو وقع عليها عام 1929، ومرّر البرلمان الكيني بيانًا يطلب من الحكومة إعادة التفاوض على معاهدة حوض النيل؛ الأمر الذي علق عليه وزير الري والموارد المائية المصري محمود أبو زيد خلال اجتماعات مؤتمر وزراء الري الأفارقة في أثيوبيا في ديسمبر 2003 بوصفه بأنه "عمل خطير جدًّا من جانب طرف واحد.. إنه يرقى إلى إعلان حرب.. وبالقطع فإن خبراءنا القانونيين سيدرسون الرد المصري على ذلك".
وتساءل: "كيف يتسنى لكينيا أن تستفيد من وراء الانسحاب من المعاهدة؟ إن هذا التصرف سيضر ضررًا بليغًا بالتعاون، وإذا نظرت إلى هذا الأمر من وجهة قانونية فستعرف أنه عمل غير صائب". واستبعد أبو زيد مع ذلك نشوب حرب في حوض النيل بسبب المياه، معتبرًا أن ذلك أمر غير وارد على الإطلاق.
حلول مصرية للأزمة
وقد ردت مصر على كل ذلك بإعلان أن ما سبق من اتفاقيات (أثناء الاستعمار) يظل ساريًا طبقًا لمبدأ التوارث الدولي (وهو ما أقرته أيضًا منظمة الوحدة الأفريقية) إلى أن تحل اتفاقيات تفاوضية جديدة محل الاتفاقيات القديمة، وأن تكون هذه الاتفاقيات برضاء جميع الأطراف المعنية، وسعت لإنشاء آلية لفض المنازعات بين دول الحوض منعًا لتفاقم المشاكل.
كما طرحت مصر على لسان الدكتور محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والري -في الدورة الجديدة لوزراء مياه دول حوض النيل التي تعقد في نيروبي منتصف مارس 2004- فكرة استفادة دول الحوض بجزء من الفواقد المائية للتساقط المطري على حوض النيل، وإنشاء صندوق لتمويل المشروعات يلحق بالبنك الأفريقي للتنمية بصورة مؤقتة، وعقد اجتماع للجنة التفاوض المشتركة حول الإطار المؤسسي والقانوني لمبادرة آلية حوض النيل، وشددت رغم ذلك على التمسك بمبدأ الحقوق التاريخية لاستخدامات مصر لمياه النيل.
أيضًا من المتوقع أن تناقش قمة الاتحاد الأفريقي في سرت بليبيا (مارس 2004) بحضور رؤساء دول حوض النيل مشكلة المياه عمومًا في القارة السوداء، وأن تؤكد مصر على أن مسألة مياه النيل من الأمور "الإستراتيجية" بالنسبة لها، على اعتبار أن مصر بحاجة اليوم إلى 73 مليار متر مكعب من المياه لمشاريعها الزراعية التي تغطي 4% فقط من مساحة البلاد، ويقول خبراؤها إن هناك مع ذلك عجزا في المياه تعاني منه مصر بنحو 24 مليار متر مكعب.
كذلك سعت القاهرة لتلطيف الأجواء ونفي ما يثار عن بيع دول المنبع المياه لدول المصب، ومنها تصريح لوزير الري المصري محمود أبو زيد لصحيفة الأهرام المصرية الرسمية 15 فبراير 2004 أكد فيه -عقب عودته من اجتماعات خبراء ووزراء المياه والزراعة في أفريقيا- أن وزراء المياه في أوغندا وتنزانيا وكينيا أكدوا له أن ما يثار عن بيع المياه لمصر لا يعبر عن المواقف الرسمية للحكومات الأفريقية، ولا يتعدى كونه تصريحات صحفية لا تعبر بالمرة عن المواقف الرسمية وآراء الحكومات التي تلتزم بها.
ونقل الوزير المصري عن وزراء حوض النيل أن حكوماتهم جادة في دعم مبادرة آلية حوض النيل والرؤية الشاملة ومشروعات الأحواض الفرعية للنيل مع دعمها أعمال لجنة التفاوض التي بدأت اجتماعاتها في يناير 2004 بأديس أبابا.
وكانت دول الحوض قد اتفقت في اجتماعها الوزاري في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا سبتمبر 2003 على "آلية جديدة لحل نزاعات دول حوض النيل" والاتفاق على حل أي نزاع مائي بين دول الحوض بالطرق الودية دون اللجوء إلى استعمال القوة، بحيث تساهم الصناديق الدولية والدول المانحة والغنية في تمويل هذه المشروعات لصالح شعوب دول الحوض.
كما اتفقوا على ضرورة عقد اجتماعات وطنية بكل دولة من دول الحوض للتعريف بأهمية مبادرة آلية "نهر النيل الجديدة"؛ وذلك لدرء أي محاولات للوقيعة بين شعوب وحكومات دول الحوض، وقرروا البدء في تنفيذ أول المشروعات المشتركة طبقًا للآلية الجديدة في بداية شهر أكتوبر المقبل، والممولة من الجهات الدولية المانحة بمبلغ 25 مليون دولار بهدف اقتسام مياه النيل.
وهذه المبادرة (مبادرة حوض النيل) التي تهدف إلى بناء الثقة بين دول النيل تتصل بمشروعات ذات منافع مشتركة، وتشمل بناء خزانات ومشروعات الربط الكهربائي، بالإضافة إلى تطوير الإدارة المبكرة للفيضانات والجفاف وأعمال الوقاية مثل مشروعات مكافحة التصحر والجفاف والمساقط لتوليد الطاقة الكهربائية في مواضع الخزانات المختلفة في أثيوبيا.
والحقيقة أن محاولات إبرام اتفاقات تعاون بين دول الحوض جرى تنشيطها في أعقاب إعداد التجمع البرلماني لجماعة دول شرق أفريقيا (كينيا وأوغندا وتنزانيا) تقريرًا في أغسطس 2003 حول اتفاقية ماء النيل عام 1929 بين مصر وبريطانيا انتهى للمطالبة بمراجعة نصوص الاتفاقية مع اقتراح بيع مياه البحيرات العظمى لمصر والسودان؛ وهو ما أثار أزمة كبيرة وبوادر حرب مياه في المنطقة.
وخلال شهر ديسمبر 2003 وفي مناسبة انعقاد مؤتمر وزراء مياه عموم أفريقيا، ثم المؤتمر الوزاري لدول حوض النيل العشر تفجر النقاش حول الموضوع في الصحافة المصرية، وقد ألقى الوزير المصري محمود أبو زيد محاضرة حول "السياسات المائية في دول حوض النيل" نشرتها صحف القاهرة في يناير 2004 تتضمن جوانب قانونية خاصة بمبدأ التوارث الدولي وجوانب سياسية وتنظيمية خاصة بالسياسة المصرية التي تتخذ أسلوب التعاون بدلاً من المواجهة؛ وهو ما أدى إلى النجاح في تجاوز أزمة نشبت في ذلك الوقت بين مصر وكينيا، أعقبها بدء طرح آلية التعاون وفض المنازعات.
ويوازي التحركات المصرية لتبريد أزمة المياه المشتعلة محاولات حثيثة لزيادة موارد مصر من مياه النيل، خصوصًا مع ترقب إبرام اتفاق تسوية سلمية للنزاع في جنوب السودان سوف يسهم في إحياء مشروع قناة جونجلي وتجفيف مستنقعات الجنوب لتحصل مصر والسودان على حوالي 8 - 10 مليارات متر مكعب إضافية من مياه النيل.
حيث بدأت أعمال حفر هذه القناة (بطول 360كم) عام 1978 وتوقفت عام 1984، أي بعد عام من اندلاع الحرب في الجنوب السوداني؛ بسبب غارة قام بها المتمردون على موقع العمل في هذا المشروع.
القضية بالتالي خطيرة رغم محاولات التخفيف منها، وربما تكون مبادرة حوض وآلية فض المنازعات المطروحة بين دول الحوض، إضافة إلى المبادرات المصرية بالتعاون مع دول منابع النيل كلها مسكنات ومهدئات للأزمة، ولكن المشكلة أن احتياجات كل دولة من المياه لمشاريع الزراعة تزداد، والتحريض الدولي أيضًا يزداد بسبب مطامع تاريخية صهيونية في المياه وثأر غربي تاريخي مع مصر، ومحاولات لاستغلال هذا الملف في الضغط عليها.
أما أخطر ما في الحلول المطروحة لحل مشكلة المياه في حوض النيل فهو أنها في الأساس مبادرات أوربية ودولية وليست نابعة من دول المنطقة؛ وهو ما يفتح الباب أمام التدخلات الدولية في المنطقة؛ ولهذا يبدو التحدي الأول أمام مصر والسودان لحل هذه المشكلة هو تقوية أواصر التعاون المباشر مع دول النيل والدخول في مشاريع تنمية مشتركة لدول الحوض.


المراجع

www.aljazeera.net
www.islamonline.ne
www.moheet.com
www.sis.gov.eg
www.kenanaonline.com
www.tariqel3lm.com

أتمنى أن يكون الله -عز و جل - قد وفقنى فى إعداد هذا البحث الذى لم أدخر وسعا و لم آل جهدا فى إعداده
وفقنا الله و إياكم إلى الأمام دائما

أعد البحث و صمم موقعا له على الإنترنت
http://www.egyniler.blogspot.com
الطالب / محمود أحمد عبد القادر على
كلية الطب البيطرى جامعة أسيوط الفرقة الأولى 2009
موقعه على الإنترنت www.drmahm.tk
www.drmahm.net.ms
البريد الإلكترونى drmahmk@hotmail.com
العنوان : مصر – المنيا – ملوى – 26 ش الحسينى – بركات – ر.ب 61631
محمول/0020119809640 - 0020185891835





1








المقدمة
يسرنى و يشرفنى أن أقدم هذا البحث عن طموحات و تحديات نهرنا العظيم.
أتمنى أن ينال هذا البحث استحسان كل من يقرؤه ؛ لأنى لم آل جهدا و لم أدخر وسعا فى إعداده .
لقد قمت بتصميم موقع على الإنترنت خصيصا لهذا البحث و عنوان الموقع هو
http://www.egyniler.blogspot.com

وفقنا الله و إياكم للأمام دائما

الطالب / محمود أحمد عبد القادر على
كلية الطب البيطرى جامعة أسيوط الفرقة الأولى 2009
موقعه على الإنترنت www.drmahm.tk
www.drmahm.net.ms
البريد الإلكترونى drmahmk@hotmail.com
العنوان : مصر – المنيا – ملوى – 26 ش الحسينى – بركات – ر.ب 61631
محمول/0020119809640 - 0020185891835


جغرافية حوض النيلالمساحة: تبلغ مساحة حوض النيل والقرن الأفريقي 4.168.120 كم2 أي = 4.1 مليون كم2 وتشمل :أ- ‌دول حوض النيل وتتمثل في: 1- السودان = 60.1% . 2- مصر = 24%.ب- دول القرن الأفريقي وتتمثل فى:1- الصومال = 15.3% . 2- جيبوتي = 0.6%.وتشغل مصر والسودان الجزء الأكبر من حوض النيل أما الصومال وجيبوتي فتشغلان الجزء الأكبر من القرن الأفريقي.الموقع الفلكي :يمتد الإقليم بين دائرتي عرض : 2ْ جنوباً و 36و31ْ شمالاً وهو بذلك يمتد في حوالي ( 33ْعرضية ) كما يمتد بين خطى طول 22ْ - 52ْ شرقاً (30ْ طولية).أهمية الموقع الفلكي: تظهر هذه الأهمية في :1- يعتبر حوض النيل والقرن الأفريقي الإقليم الوحيد بالوطن العربي الذي يمتد جزء منه في نصف الكرة الجنوبي.2- تعدد وتنوع الأقاليم المناخية والنباتية لاتساع مساحته.3- تنوع استخدام الأرض ومواردها الاقتصادية.الموقع الجغرافي : (خصائصه )1- يقع في قلب الوطن العربي الأفريقي والآسيوي ويعتبر همزة الوصل بينهما.2- امتداده في قلب أفريقيا جعله حلقة اتصال بين الدول العربية ودول أفريقيا .3- ينقسم موقعه الجغرافي إلى قسمين وهما:القسم الأول:يتمثل فى دولتي حوض النيل وهما: مصر - السودان كجزء واحد متصل يطل على البحر المتوسط شمالاً والبحر الأحمر شرقاً وقد أدى ذلك إلى:1- ربط الإقليم ملاحياً بدول أوربا والأمريكتين عبر البحر المتوسط ومضيق جبل طارق.2- أصبح الإقليم منطقة عبور لمعظم تجارة العالم عبر قناة السويس.3- يطل بجبهة بحرية على البحر الأحمر الغربي حيث ربط بين الشرق والغرب.القسم الثاني:يتمثل فى دولتي القرن الأفريقي وهما : الصومال - جيبوتي حيث:1- يطل الإقليم بسواحل طويلة على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر وعلى خليج عدن والمحيط الهندي شرقاً وقد أدى ذلك إلى قيام مواني هامة مثل: كسمايو - مقديشو - جيبوتي.2- تأثر الإقليم بالمؤثرات المناخية البحرية والمؤثرات المناخية القارية.جغرافية حوض النيل:نهر النيل بين أنهار العالم:· يقع نهر النيل في النصف الشرقي من قارة أفريقية شمال خط الاستواء إذ يعد الظاهرة الجغرافية الكبرى البارزة والذي يتميز بالخصائص التالية :1- يعتبر أطول أنهار العالم حيث يبلغ طوله 6670 كم إذ يبدأ من نهر كاجيرا جنوباً حتى مصبه شمالاً (دمياط).2- يمتد نهر النيل من0 3,َ3 ْ جنوباً إلى 31.َ36ْ شمالاً وهو بذلك يمتد فى حوالي 35ْ عرضية ولا يوجد نهر آخر يشبه نهر النيل في اختراقه لهذا العدد من دوائر العرض وهو بذلك يمتد فى الأقاليم التالية :أ- ‌المنطقة الاستوائية حيث المناخ الاستوائي في هضبة البحيرات الاستوائية.ب- ‌المناخ شبه الموسمي في هضبة الحبشة.ت-‌المناخ المدارى الموسمي "السوداني" حيث المطر الصيفي والجفاف شتاءً.ث- ‌المناخ الصحراوي في شمال السودان ومصر.ج-‌المناخ شبه البحر المتوسط.وهو بذلك : 1- يصل ما بين قلب أفريقيا المدارى و الإقليم المعتدل حيث البحر المتوسط.2- يصل ما بين أقطار ذات حضارة بدائية وبين بلاد كانت في مقدمة العالم حضارة كما تختلف اللهجات واللغات والسلالات والديانات.3- يلتزم نهر النيل في جريانه ناحية الشمال باستمرار ويؤكد ذلك مصبه عند دمياط ومخرجه من بحيرة فكتوريا يقع كل منها شمال الآخر لا يفصلهما إلا خط طول واحد بسبب: أ‌طبيعة انحدار الأرض التي يجرى عليها نهر النيل والتي ترتفع في الجنوب وتقل كلما اتجهنا شمالاً.ب‌ يبدأ منبعه من منطقة استوائية غزيرة الأمطار طول العام.ج‌يختلف نهر النيل عن باقي أنهار العالم من حيث قلة مياهه في حوضه الأدنى وذلك بسبب:1- لا يوجد رافد بعد عطبرة يمده بالمياه لذ تقل مياهه كلما اتجهنا شمالاً.2- يجرى نهر النيل بعد عطبرة لمسافة كبيرة في منطقة صحراوية مرتفعة الحرارة نادرة الأمطار لذلك يزداد الفاقد من مياهه بالبخر والتسرب .3- يختلف نهر النيل عن غيره من باقي أنهار العالم من حيث طبيعة تكوين مجراه حيث نجد أنه من بين مراحل شبابه توجد صفات الشيخوخة والعكس وذلك بسبب:أ‌لم يتكون نهر النيل كنهر واحد بل أنهار منفصلة ثم اتصلت بعضها ببعض مكونه نهراً واحدا ً.ب‌ لم يتكون فى عصر واحد بل فى عصور مختلفة وظهور الجنادل والخوانق والشلالات تعتبر حلقات حديثة التكوين ربطت بين الأحواض القديمة ذات الأنهار الناضجة.س : لماذا تعتبر الأنهار أكثر العوامل الجيومورفولوجية إسهاماً فى تشكيل سطح الأرض ؟ج: تعد مياه الأمطار المصدر الرئيسي لكل أنواع المياه الجارية فوق سطح القشرة الأرضية مما أدى إلى :1- امتلأت المنخفضات بالمياه فتكونت البحيرات والمستنقعات.2- يظهر أثرها فى كل مكان على سطح الأرض.3- تعتبر الأنهار من المياه الجارية لأنها تجمع مياه الأمطار في مجاريِ محددة.تحديد حوض النيل· يقصد بحوض النهر " النيل " جميع الأراضي التي يجرى فيها النهر وروافده التي تنحدر نحو واديه بحيث تنصرف مياه أمطاره إليه ويضم جميع الإقليم التى تضمها حدوده الطبيعية حتى ولو كانت خالية من المطر مادام انحدارها العام متجهاً نحو مجراه.· تبلغ مساحة حوض النيل 2.9 مليون كم2 بما يعادل 10% من مساحة قارة أفريقياأولاً : التحديد الطبيعي أو المائي :يعرف الحوض بأنه الأرض المنخفضة المنسوب التى تحيط بها المرتفعات من كل جانب ويخلط هذا التعريف بين الأحواض النهرية والمنخفضات : س : ما الفرق بين الأحواض و المنخفضات ؟أ- ‌الحوض :1- له شكل محدد على شكل حرفV-U.2 - الأمطار الساقطة عليه تكون أنهار لها منبع و لها مصب .3- تصريفه خارجي. ب- المنخفض : 1- ليس له شكل محدد.2- الأمطار الساقطة عليه تكون مستنقعات ليس لها منبع ولا مصب.3- تصريفه داخلي.· ومن التعريف العام لحوض النيل تضاريسياً نجد أن الأمطار الساقطة على المرتفعات المحيطة بالأراضي المنخفضة تنحدر على سفوح المرتفعات هابطة إلى قاع الحوض أو شكل المنخفض حيث تنصرف..وينطبق ذلك على الأحواض النهرية إلا إنها تشذ بأن لها مخرجاً " مصب" قد يكون :-1- ذا تصريف خارجي : وهى الأنهار التى تنتهي إلى البحر أو محيط مثل نهر النيل.2- ذا تصريف داخلي : وهى الأنهار التى تصب فى : أ- ‌بحر مغلق : مثل نهر الأردن الذي يصب فى البحر الميت.ب- بحيرة: مثل الأنهار التى تصب فى بحيرة تشاد وأحياناً تنصرف المياه إلى قيعان على شكل بحيرات مالحة أو مستنقعات.ج- أخوار: حيث تنساب المياه على سطح الأرض عند مخرج النهر فى شكل دلتا فيضية تزرع بعد جفافها مثل دلتا خور القاش بالسودان أو تتسرب المياه إلى باطنها هذا الانحدار يكفى لإعطاء مياه النيل سرعة وجرياناً على طول مجراه.· لا يمثل القطاع الطولي لنهر النيل حوضاً واحدا بل عدة أحواض متداخلة تصرف مياهها إلى مجرى كبير ولذلك تكثر بأجزائه الشلالات والجنادل التى تعترض مجراه · القطاع العرضي :عبارة عن منحنى يبدأ من ارتفاع أحد الجوانب وينحدر إلى قاع النهر ثم يأخذ فى الارتفاع التدريجي مرة أخرى حتى يصل إلى أقصى ارتفاع فى الجانب الآخر.يسمى الانحدار الجانبي الوادي ويختلف اتساعه على طول مجرى النهر و يتسع فى بعض الأماكن ويضيق فى الجانب الآخر.· خط تقسيم المياه :هو الأرض المرتفعة المنسوب التى تفصل بين نظامين نهرين متجاورين أو بين حوضين متجاورين.الحدود الطبيعية أو المائية لحوض النيل: توجد عند أطراف الحوض وقد تكون بعيدة أو قريبة من مجرى النهر وهى عادة جبال أو تلال مرتفعة تفصل بين حوض النيل وأحواض الأنهار المجاورة له.حدود حوض النيل : 1. الحدود الشرقية:أ‌تبدأ من جنوب بحيرة فيكتوريا ملتزمة بالحافة الغربية للأخدود الشرقي في كل من كينيا و تنزانيا .ب‌تأخذ شكل قوس كبير شرق بحيرة فيكتوريا فاصلة بين أوغندا و كينيا .ت‌تتجه للشمال الشرقي تضم الجزء الأكبر من هضبة الحبشة .ث‌تتجه نحو الشمال الغربي ملتزمة بالحافة الغربية للأخدود الشرقي في كل من اريتريا- السودان- مصر .ج‌تتجه عند رأس خليج السويس نحو الشرق ثم الشمال لتضم شمال شبه جزيرة سيناء إلى حوض النيل .ح‌تخرج منطقة خور بركة في شرق السودان عن حدود حوض النيل لأن مياهه لا تنصرف إلى حوض النيل. 2- الحدود الغربية :أ‌تبدأ من جنوب غرب بحيرة فيكتوريا مع المنابع العليا لنهر كاجيرا ثم تجتاز الأخدود الغربي تتبع قمم جبال موفمبيرو التي تنحدر منها مجار مائية نحو الجنوب لتصب في بحيرة كيفو في حوض الكونغو .ب‌ تتجه الحدود إلى الشمال الشرقي مع الحافة الغربية للأخدود الغربي حتى النهاية الشمالية لبحيرة ألبرت .ج- تنحرف الحدود شمالاً إلى الغرب عبر خطوط تقسيم المياه بين روافد النيل شرقاً )بحر العرب بحر الغزال ) و بين روافد الكونغو .التحديد السياسي:وهو تحديد الدول التي يخترقها النيل وتقع فى حوضه ولها مصلحة فى مياهه والاستفادة منها وتنقسم إلى : أ-‌دول يقع معظمها فى حوض النيل وتشمل :1- مصر.2- السودان.3- الحبشة.4- أوغندة.5- رواندا.6- بورندى.ب-‌دول تقع أجزاء بسيطة منها فى حوض النيل وتشمل: 7- كينيا.8- تنزانيا.9- زائير.وتعرف هذه الدول التسع باسم دول الأندوجو.· الخريطتان السياسية و المائية:- تشترك دول متعددة فى حوض النيل. هذه الدول مساحتهــــا ( 8.8 م . كم2 ) أكبر من مساحة حوض النيل( 2.9 م كم2 ) ذاته وتبرز هذه الظاهرة فى :1- المنابع الاستوائية : يشترك ثلاث دول فى بحيرة فكتوريا وهى :تنزانيا - أوغندة - كينيا. 2- المنابع الاستوائية الأخدودية : وتشمل بحيرات ألبرت وإدوارد ونهر سمليكى وهى مشتركة بين أوغندة - زائير - رواندا - بورندى.3- المنابع الصيفية : " الموسمية" فى الحبشة - تتميز بأنها تقع كاملة تحت سيطرة سياسة واحدة تشقها المجارى العليا وأجزاء من المجارى الوسطي لروافد النيل الصيفية .4- القطاع الغربي : يقع الفاصل المائي في دارفور بالسودان عند جبل مرة ومنه تنحدر بعض الأودية نحو الجنوب إلى تشاد.أهمية دول الاندوجو لمصر : 1- يصل إلى مصر من إثيوبيا 84 % من المياه.2- أوغندة تمثل مخرج النيل ولها نصف بحيرتي ألبرت وإدوارد.3- كينيا وتنزانيا تشتركان مع أوغندة فى بحيرة فكتوريا.4- زائير تشترك مع أوغندة فى بحيرة ألبرت.5- رواندا وبورندى يتحكمان فى نهر كاجيرا.6- السودان يجرى جزء من النيل وروافده فى أرضيه

مشكلة تلوث مياه نهر النيل فى مصر
نهر النيل يتعرض لعديد من أنواع الملوثات التي تهدر من صفاتة وتجعله غير صالح إلى استخدامات الشرب والري, أو ما يعود بالضرر على الإنسان والحيوان.
قبل الحديث عن أنواع الملوثات أولا نعرف ماهو التلوث والملوث ؟
الملـــوث :
هو تلك المواد التي إذا وجدت في الماء أو زادت عن نسبة معينة سببت ضرر أو ضيق أو إزعاج إلى المستخدم والمستهلك.
بعض تعريف التلوث المائي :
هو وجود الملوثات والعناصر غير المرغوب فيه في المياه بكميات كبيرة أو بشكل يعيق استعمالها إلى الإغراض المختلفة كالشرب والري والتبريد وغيرها.........
أو هو تغير في الصفات الطبيعية أو الكيميائية أو البيولوجية للماء, يجعله مصدرا حقيقا أو محتمل للمضايقة, أو للأضرار بالاستعمالات المشروعة للمياه, وذلك عن طريق إضافة مواد غريبة تسبب تعكير الماء, أو تكسبه رائحة أو لون أو طعم, وقد يتلوث الماء بالميكروبات.
يعتبر المجرى المائي ملوث عندما يتغير تركيب عناصر اوتتغير حالته بطريق مباشر أو غير مباشر بسبب نشاط الإنسان بحيث يصبح الماء اقل صلاحية للاستعمالات الطبيعية, وإذا زاد تركيز عناصر التلوث يؤدى إلى استهلاك الأكسجين المذاب في الماء مما يسبب اختناق الأحياء المائية وهلاكها, وعند ذلك يتوقف عمل البكتيريا الهوائية التي تساعد على التنقية الذاتية للماء وتبدل البكتيريا الهوائية في الانتشار وتعمل على فساد الماء.
مما سبق يتضح أن :
تلوث الماء مفهوم نسبي, حيث لا توجد مادة في حالة نقية تماما, والماء مركب كيماوي ثابت التكوين, ولكن يتوقف مدى خطورة التلوث على المستويات المختلفة أو على نوعية الاستعمالات المرادة.
المبحث الثانى"بعض انواع الملوثات ومسبباتها واضرارها"

الملوثات البيولوجية:
يقصد بها وجود الكائنات الحية المرئية أو غير المرئية بالعين ـ نباتية كانت أم حيوانية ـ تلوث الوسط المائي ومن هذه الكائنات التي تسبب التلوث البيو لوجى للأوساط المائية: البكتيريا, الفيروسات, الفطريات, الأوليات الحيوانية, كما توجد أطوار دقيقة ( بويضات ـ يرقات ـ أطوار معدية) من دورة حياة بعض الكائنات نباتية كانت أم حيوانية للوسط المائي مثل بعض الطفيليات كالبلهارسيا والدودة الكبدية وديدان القناة الهضمية وكذلك الحشرات مثل البعوض وغيره..........
ومن هذه الكائنات ما يرى بالعين المجردة مثل بعض الطحالب والنباتات المائية وفيها لايمكن رؤيته إلا باستخدام المجهر, مثل البكتيريا واغلب الفطريات والأوليات الحيوانية. ويتوقف درجة انتشار هذه الكائنات على طبيعة وحجم تلك الكائنات فكلما كانت دقيقة كان انتشارها سهلا.
الأضرار الناتجة :
مما لا شك فيه إن مياه الصرف تحمل كثير من الميكروبات وعلى رأسها البكتيريا وتعمل هذه الميكروبات على تلويث المياه, وتلويث المنتجات المائية من اسماك ورخويات وقشريات وغيرها.
وإن المياه الملوثة قد تؤدى إلى تسمم أو قتل الإنسان ومن أهم البكتريا المسببة للأمراض آلاتية
السالمونيلا Salmonella
هي نوع من البكتريا تسبب مرض التيفود والباراتيفود وغيرها مثل الشيجيلا, فبرو كوليرا التي تسبب الكوليرا وغيرها.
ومن أهم الطفيليات التي تلوث الماء ديدان الإسكارس وديدان البلهارسيا...
ومن أهم الفيروسات التي تلوث الماء فيروس الكبد ـ خاصة الفيروس A ـ الذي يؤدى إلى الإصابة بمرض اليرقات ( الصفراء) .

التلوث العضوي
المواد : هي عبارة عن الفضلات النباتية والحيوانية الخام التي لم يتناولها اى انحلال بفعل الميكروبات ,وهى تحتوى كيمائيا على سبع مجموعات من المواد وهى:
1ـ المواد التي تذوب في الماء, وتشمل السكريات والجلوكوسيدات والأحماض الامينية وأملاح النترات والكبريتات والكلوريدات وأملاح البوتاسيوم.
2ـ المواد التي تذوب في الأثير والكحول, وتشمل الدهون والزيوت والشمــــــــــــوع.
3ـ الســيلــيــوزات. 4ـ الهيمسيليوزات .
5ـ اللجنينات. 6ـ البروتينات .
7ـ الأملاح المعدنية التي لا تذوب في الماء كسيليكات البوتاسيوم الماغنسيوم .
إذا خشعت الفضلات لعوامل الانحلال بفعل الميكروبات المختلفة في مياة النهر فإنها توجد في حالة توازن ديناميكي جيد ولكن إذا حدث خلل لتحلل هذة المواد يظهر ما يسمى بالتلوث العضوى .
الأضرار الناتجة:
$ تؤدى إلى نقص الاكسحين واختناق جذور النباتات وفقد
النتروجين في صورة الغازات نتيجة لنشاط عملية عكس التأزت .
$ اختلال نسبة الأكسجين إلى ثاني أكسيد الكربون مما يودى إلى التأثير
على العمليات الحيوية والكيماوية.
$ تتزايد إعداد الميكروبات بدرجة كبيرة في حالة وجود المواد العضوية
غيرالمتحللة وتزايد نشاطها يؤدى إلى أضرار جسيمة.
$ تؤدى الظروف الاهوائية إلى تكوين مركبات سامة تؤثر على نمو
النباتات .
$ انتشار الحشائش والنيماتودا والأمراض الفطرية والبكتري
التلوث بالمركبات السامة والمعادن

دخلت مصر عصر التحضر والتصنيع في أعقاب الحرب العالمية الثانية دون تخطيط علمي بيئي سليم ودون توافر اوتطوير للخدمات الأساسية والضرورة لهذا التطوير وقامت باستيراد المصانع التي تفتقر إلى الطرق والعمليات الصناعية الحديثة , ونرى الاتى :
تصب المصانع (50متر مكعب) سنويا من مياة الصرف الزراعي من خلال أكثر من(100) مصب على النيل والترع والمصارف منها ما هو معالج إلى حد ما ومنها ما هو غير معالج.
ولكن أمكن حصر أهم مصادر التلوث على نهر النيل وتحديد مناطق التركيز الصناعى التى تؤثر على جودة مياه النيل .(وهى كالاتى)
1ـ فى منطقة اسوان يمثل مصرف النيل الذى تتجمع به المخلفات الادمية والصناعية والزراعية نقطة تلوث هامة لمياة نهر النيل عند موقع الصرف
2ـ مجموعة مصانع السكر بكوم امبو ,ودشنا , وقوص , ونجع حمادى .
3ـ مصنعى شركة النيل للزيوت والصابون وشركة النصر لتجفيف البصل بسوهاج.
4ـ مصنع الشركة العالمية والصناعية باسيوط.
5ـ يوجد بحلوان(32)مصنع منها شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات .,وشركة النصر لصناعة السيارات , ومصنع الحديد والصلب , ومصنع النسيج, ومصانع أخرى للاسمنت وغيرها ....
6ـ مصانع التقطير والكيماويات بالحوامدية .
7ـ فى فرع رشيد عند كفر الزيات المخلفات ىالمنصرفة من شركة الملح والصودا المصرية وشركة كفر الزيات للمبيدات والكيماويات.
8 ـ فى فرع دمياط عند طلخا مخلفات شركة النصر للأسمدة.
يبلغ عدد العناصر الكيماوية المصنعة على مدى واسع والتى تعد من النتجات السامة اكثر من (1500) نوع ولكن ما نهتم به فى هذا البحث هو العناصر الثقيلة الموجودة فى المخلفات الصناعية وأثارها القاتلة على الانسان والكائنات الحية بوجه عام ومن تلك العناصر ما ياتى :


عنصر الزئبق :
مصدره:ــ المخلفات الناتجة من خلال التحليل الكهربى فى صناعة هيدروكسيد الصوديوم وغاز الكلور . وقد وجد ان الاحياء الدقيقة تحول الزئبق غير العضوى الى كتايون ميثيل الزئبق والذى يتحد بشد مع البروتينات الموجودة فى الجسم عن طريق مجموعة (-SH)التى توجد بها , وهذا يؤدى الى تركيزها فى السلسلة الغذائية . وهنا يتضح ان تخفيف النفايات السامة قبل صبها فى الماء قد لا يحل مشكلة التلوث . والتسمم بالمركبات غير العضوية للزئبق يؤدى الى خلل عصبى "Nervous Disorder"يسمى رعشة هاتر "Hatter Shekes"اى "رعشة القبعة" اما الاصابة بعنصر الزئبق فيؤدى الصداع والرعشة والتهاب المثانة وفقدان الذاكرة .
ام مركبات الزئبق العضوية ,و خاصة ميثيل الزئبق, فهو اكثر سمية لسهولة نفاذة فى الاغشية .,حيث يتركز فى الدم ويؤثر تأثيرا داءما على العقل والجهاز المركزى , والشاهد هنا كارثة ميناماتا في اليابان 1952م , والتى مات فيها اكثر من (52)شخص واصيب الاخرون بضرر دائم وقد اتضح ان سبب ذلك هو اعتاد افراد هذة القرية فى غذائهم على الاسماك التى احتوت على تركيزات من مركب الزئبق (CH3.HgS.CH3)
ومن المركبات او العناصر الثقيلة.....
الكادميوم Cd
يعد من اخطر الملوثات لتشابهة مع الزئبق فى انه له خواص تراكمية فى اجسام الكائنات الحية , حيث يتجمع فى كلية الانسان , كما ان هذا العنصر ومركباتة تتحد مع مجموعات (-SH)فى السيستسن Cysteineالموجودة فى البروتين وعلية فانه يثبط نشاط الانزيمات المحتوية على مجموعة (Sh ) والكادميوم سمكنه أن يحل محل الزنك فى بعض الانزيمات المحتوية علية .
الرصاص pb
من الملوثات ذات الاثر التراكمى السام القاتل والمميت فهو يتحدعن مجموعات أكسو (OXO-group)التى توجد فى الانزيمات فى جميع خطوات الهيم وايضا البورفين.
وهو كذلك عامل مثبط لوظائف العديد من الانزيمات , حيث انه يكون متراكبات عن طريق الاتحادبمجموعة (-SH) فى الانزيمات التى تحتويها وان كانت درجة اتحادة اقل حدة من حالات الزئبق والكادميوم .
اعراض التسمم بالرصاص :
المغص ,و الانيميا , والصداع , والتشنج , والمغص الكلوى . ومن طرق معالجة التسمم بالرصاص استعمال الكلابيات (Chelates)التى تكون متراكبات الرصاص مثل :ـEDTA

الزرنيخ :As
يدخل فى العديد من الصناعات , ومن اهمها :صناعة المبيدات وهو مثل باقى المعادن الثقيلة الاخرى ومركباتها, فان له تأثير ضار وسام على الكائنات الحية ,عندما يصل تركيزها الى حد معين , ونرى التأثير الضار للمعادن الثقيلة الموجودة فى مياه الصرف التى ادت الى تلوث محصول البلح وكان القرار يرجع لاحد المسئولين فى العيش وهذا ما كتب تحت عنوان (النخيل يموت واقفا فى العريش , ولم يتحرك احد لانقاذه).
"جريدة الاهرام 6/9/1996م. ص31

البقايا الحيوانية والفضلات والقمامة:
إنه من جهل الناس بحقيقة نهر النيل وانه مصدر الماء والاساسى ما يفعلوه فقد اعتبروه مصرف للتخلص من جثث حيوانات المزرعة النافقة او التخلص من الفضلات والقمامة واصبحوا يرمون به كل ما يخافون ان يجلب لهم اذى مثل القمامة "الطيور الميتة والمصابة بانفلونزا الطيور مأخرا" دون العلم بانهم جالبى الاذى لانفسهم عند القاءهم تلك الاشياء.
قديما كان فيضان النيل " قبل إنشاء السد العالى " يعمل عملية غسيل ذاتية سنوية للتلوث .,حيث كان النهر يزيد تراكم الملوثات وكانت حركة المياة المستمرة وتقلبها تساعد على طردالملوثات خارجا.

"بعض الحلول التطبيقية والواقعية"
ويجدر بنا أن نتبع سياسة مائية كما فعلت أمريكا كألاتى :
وقد كانت السياسة المائية سنة 1972 م قد ركزت على تحقيق نوعية مياه جديدة للصيد والاستحمام , وذلك لأن جودة المياه لم تكن عالية إلى الحد الذىيصلح لتكون حد لنوعية مياه صالحة للشرب .
مما أدى الى وجود معايير أكثر صرامة للنظام المائى ومواردها الصالحة للشرب .
فقد وضعت حد أقصى لمعاييرومستويات التركيزات البكتريا( (Bacteria
والعكارة ( Turbidity) والملوثات الكيميائية والأشعائية
Chemical & Radiological .
ثم تم وضع مستويات تقوم على معيار ( BAT)
"Best Available echnology " للملوثات التى تلوث المياه سواء المنظمة بالقانون والغير منظمة .
السيــــــاسة العقابيــــــة

الأحكام الخاصة بالجزاء وتنفيذه
فرضت أوضاع وكالة حماية البيئة ( EPA) لمعالجة الوضع الحالى غرامات إدارية ـ دعاوى مدنية ـ عقوبات جنائية .
والأن هناك نظام للجزاءات الإداري:

(1) النوع الأول : ويشمل الجزاءات التى تزيد عن10.000 دولار لكل إعتداء بحد أقصى 25.000 دولار ـ مع إجازة سماع الدفاع غير الرسمى فى هذه الفئة .
(2) النوع الثانى : وهى جزاءات لاتزيد عن 10.000 دولار عن كل يوم إعتداء بحد أقصى125.000 دولار وهناك فرصة للمحاكمة الرسمية ( سماع الدفاع فى محاكمة رسمية ) .


الأحكام الخاصة بالمسئولية : والشخص ( يشمل المسئولية الفردية والمشتركة ) الذى يلوث بعمد أو بإهمال يعتبر متهم وفقا لقانون المياه النظيفة ( CWA) ويعتبر محلا للعقوبة الجنائية .
وتصريف الموارد السامة فى نظام المصارف الذى قد تسبب حدوث إضرار شخصية. أو خسائر فى الممتلكات تعتبر الأن إعتداء جنائى ( جريمة جنائية ) .
واقعة الأهمال تكون عقوبتها الغرامة بين 2.500 الى25.00 دولار عن كل يوم إعتداء أو سنة واحدة حبس أو اثنين معا .
والحد الاقصى لهذه العقوبة يضاعف فى الحالة الثانية للاعتداء أو حالة التكرار .
الشخص الذى يعلم بوجود حالة خطر ـ يعلم بشخص يضع الملوثات تسبب ضرر جسيم أو الموت , يكون محل للعقوبة بحد أقصى 250.000 دولار والسجن 15 سنة مع إمكانية مضاعفة العقوبة فى حالة التكرار .
دعاوى المواطنين Citizens Suits :
الحق لأى مواطن فى رفع دعوى مدنية أمام المحاكم الفيدرالية للمقاطعات فى حالة الإعتداء على المعايير القانونية للملوثات والإعتداء على الأوامر الإدارية لها أو ضد EPA فى حالة عدم قيامها بما يتحتم عليها القيام به من واجبات فى هذا الشأن فيما عدا الحالات التى لديها سلطة تقديرية فى ذلك .
واذا ما رأت المحكمة فى ذلك صالح للمجتمع فإن القانون يجيز لها الحق فى إصدار الإنذارات الازمة أثناء نظرها لتلك الدعاوى .
كما يجوز للمحكمة أيضا أن تحكم بتوقيع غرامة مدنية على المخلف فضلا عن الغرامة التى تدفع من الخزانة العامة .
وفى حالات أخرى فإن هذه الدعاوى تنتهى بطريق التصالح الذى يتضمن قيام المخالف بدفع مبالغ لصالح المشروعات النافعة للبيئة مثال ذلك ( المشروعات البحثية للجامعات والتعليم العالى ) .

دور الطلاب و الباحثين فى مواجهة هذا التحدى

1 ـ عمل الاحتياطات الازمة لمنع تسرب مياه الصرف الصحى الى مياه نهر النيل .

2ـ التشديد على عدم صرف مخلفات المصانع , سواء كانت سائلة أو صلبة فى النهر .

3ـ تحريم وتجريم الحيوانات الميتة فى نهر النيل .

4ـ عدم إلقاء القاذورات والمخلفات والمواد الصلبة والبلاستيكية فى نهر النيل .

5 ـ نشر الوعى الصحى بين الفلاحين و تنظيم حملات توعية للمواطنين .

6ـ نشر الوعى الزراعى بين المزارعين حيث يتم التنبيه بعدم غسل الادوات ومعدات رش المبيدات الحشرية فى مياه نهر النيل( مياه الرى).

7ـ إتخاذ كافة الاجراءات الاذمة نحو تطبيق القانون الخاص بحماية المجارى المائيه وخاصة الانهار.

8 ـ إنشاء مراكز قياسات ثابتة على المجارى المائية , لمراقبة التلوث الذى يطرأ عليها .

9ـ ضرورة عمل صرف خاص للمصانع والمعامل العلمية وتجميعها بعيدا عن النيل .

10ـ مكافحة التلوث الذى يؤدى الى الامطار الحامضية التى تلوث النيل .

11ـ تحريم إستخدام مجارى المياه (النيل وغيره) كحمامات لتنظيف الحيوانات وغسيلهــا .
12ـ عدم الممارسات الجاهلة التى يقوم بها بعض الناس على ضفاف النيل مثل غسل الأوانى والملابس .


الاحتياجات المائية والاتفاقيات بين دول حوض النيل

نجحت مصر في عقد العديد من الاتفاقيات سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي، يصل عددها إلى أكثر من 15 اتفاقية، وقّع بعضها أبان فترات الاستعمار وكان لها تأثير على العلاقات الحالية بين مصر ودول حوض النيل.
أولاً: الاتفاقيات الثنائية:
1ـ الهضبة الإثيوبية: هناك خمسة اتفاقيات تنظم العلاقة بين مصر وإثيوبيا والتي يّرد من هضبتها 85% من مجموع نصيب مصر من مياه النيل هي:
أـ بروتوكول روما الموقع في 15 إبريل 1891 بين كل من بريطانيا وإيطاليا ـ التي كانت تحتل إريتريا في ذلك الوقت ــ بشأن تحديد مناطق نفوذ كل من الدولتين في أفريقيا الشرقية، وتعهدت إيطاليا في المادة الثالثة من الاتفاقية بعدم إقامة أية منشآت لأغراض الري على نهر عطبرة يمكن أن تؤثر على تصرفات النيل. ب ـ اتفاقية أديس أبابا الموقعة في 15 مايو 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا، تعهد فيها الإمبراطور منيليك الثاني ملك إثيوبيا بعدم إقامة أو السماح بإقامة أي منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل إلا بموافقة الحكومة البريطانية والحكومة السودانية مقدماً. ج ـ اتفاقية لندن الموقعة في 13 ديسمبر 1906 بين كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا. وينص البند الرابع منها على أن تعمل هذه الدول معاً على تأمين دخول مياه النيل الأزرق وروافده إلى مصر. د ـ اتفاقية روما وهى عبارة عن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وإيطاليا في 1925، وتعترف فيها إيطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما، وتتعهد بعدم إجراء أي إشغالات عليهما من شأنها أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي. هـ ـ إطار التعاون الذي تم توقيعه في القاهرة في الأول من يوليو 1993 بين كل من الرئيس المصري حسنى مبارك ورئيس الوزراء الأثيوبي ــ آنذاك ــ ميليس زيناوي، وكان لهذا الإطار دور كبير في تحسين العلاقات المصرية الأثيوبية، وتضمن هذا الإطار التعاون بين مصر وإثيوبيا فيما يتعلق بمياه النيل في النقاط التالية:
ـ عدم قيام أي من الدولتين بعمل أي نشاط يتعلق بمياه النيل قد يسبب ضرراً بمصالح الدولة الأخرى.
ـ ضرورة الحفاظ على مياه النيل وحمايتها.
ـ احترام القوانين الدولية.
ـ التشاور والتعاون بين الدولتين بغرض إقامة مشروعات تزيد من حجم تدفق المياه وتقليل الفواقد. 2ـ الهضبة الاستوائية: تُعد المصدر الثاني لمياه النيل حيث يصل 15% من مياهها إلى مياه النيل، وتضم ستة دول هي: كينيا، تنزانيا، أوغندا، الكونغو الديمقراطية، رواندا، بوروندي، وتنظم العلاقة المائية بينهم وبين مصر عدد من الاتفاقيات أهمها:
أ ـ اتفاقية لندن الموقعة في مايو 1906 بين كل من بريطانيا والكونغو ـ وهى تعديل لاتفاقية كان قد سبق ووقعت بين ذات الطرفين في 12 مايو 1894 ـ، وينص البند الثالث منها على أن تتعهد حكومة الكونغو بألا تقيم أو تسمح بقيام أي إشغالات على نهر السمليكي أو نهر أسانجو أو بجوارهما يكون من شأنها خفض حجم المياه التي تتدفق في بحيرة ألبرت ما لم يتم الاتفاق مع حكومة السودان. ب ـ اتفاقية 1929: وهى عبارة عن خطابين متبادلين بين كل من رئيس الوزراء المصري آنذاك محمد محمود وبين المندوب السامي البريطاني لويد، وكلا الخطابين موقعين بتاريخ 7 مايو 1929 ومرفق بهما تقرير للجنة المياه الذي سبق إعداده في عام 1925. ويعتبر هذا التقرير جزءاً من هذه الاتفاقية، وكان توقيع بريطانيا على هذه الاتفاقية نيابة عن كل من السودان وأوغندا وتنجانيقا ـ تنزانيا حالياًـ وجميعها دول كانت تحتلها بريطانيا آنذاك وأهم ما ورد في تلك الاتفاقية:
(1) ألا تقام بغير اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أعمال ري أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي ينبع منها سواء في السودان أو في البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.
(2) وتنص الاتفاقية أيضاً على حق مصر الطبيعي والتاريخي في مياه النيل.
ج ـ اتفاقية لندن الموقعة في 23 نوفمبر 1934 بين كل من بريطانيا نيابة عن تنجانيقا ـ تنزانيا حالياً ـ وبين بلجيكا نيابة عن رواندا وأوروندي ـ رواندا وبوروندي حالياً ـ وتتعلق باستخدام كلا الدولتين لنهر كاجيرا. د ـ اتفاقية 1953 الموقعة بين مصر وبريطانيا نيابة عن أوغندا بخصوص إنشاء خزان أوين عند مخرج بحيرة فيكتوريا، وهى عبارة عن مجموعة من الخطابات المتبادلة خلال عامي 1949 و1953 بين الحكومتين المصرية والبريطانية، ومن أهم نقاط تلك الاتفاقية:
ـ أشارت الاتفاقيات المتبادلة إلى اتفاقية 1929 وتعهدت بالالتزام بها ونصت على أن الاتفاق على بناء خزان أوين سيتم وفقاً لروح اتفاقية 1929.
ـ تعهدت بريطانيا في تلك الاتفاقية نيابة عن أوغندا بأن إنشاء وتشغيل محطة توليد الكهرباء لن يكون من شأنها خفض كمية المياه التي تصل إلى مصر أو تعديل تاريخ وصولها إليها أو تخفيض منسوبها بما يسبب أي إضرار بمصلحة مصر. هـ ـ اتفاقية 1991 بين كل من مصر وأوغندا التي وقعها الرئيس مبارك والرئيس الأوغندي موسيفيني ومن بين ما ورد بها: ـ أكدت أوغندا في تلك الاتفاقية احترامها لما ورد في اتفاقية 1953 التي وقعتها بريطانيا نيابة عنها وهو ما يُعد اعترافاً ضمنياً باتفاقية 1929.
ـ نصت الاتفاقية على أن السياسة التنظيمية المائية لبحيرة فيكتوريا يجب أن تناقش وتراجع بين كل من مصر وأوغندا داخل الحدود الآمنة بما لا يؤثر على احتياجات مصر المائية. 3ـ اتفاقيات المياه الموقعة بين مصر والسودان؛ هناك اتفاقيتان لتنظيم العلاقة المائية بين مصر والسودان وهما:
أـ اتفاقية 1929؛ تنظم تلك الاتفاقية العلاقة المائية بين مصر ودول الهضبة الاستوائية، كما تضمنت بنوداً تخص العلاقة المائية بين مصر والسودان وردت على النحو التالي في الخطاب المرسل من رئيس الوزراء المصري والمندوب السامي البريطاني:
ـ إن الحكومة المصرية شديدة الاهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التي يستخدمها السودان من مياه النيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية في تلك المياه.
ـ توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925 وتعتبره جزءاً لا ينفصل من هذا الاتفاق.
ـ ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال ري أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.
ـ تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية. ب ـ اتفاقية 1959: وقعت هذه الاتفاقية بالقاهرة في نوفمبر 1959 بين مصر والسودان، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة في إنشاء السد العالي ومشروعات أعالي النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان.. وتضم اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل على عدد من البنود من أهمها:
ـ احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار متر مكعب سنوياً وكذلك حق السودان المقدر بأربعة مليار متر مكعب سنوياً.
ـ موافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالي وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق، وما يستتبعه من أعمال تلزم السودان لاستغلال حصته.
كما نص هذا البند على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالي والبالغة 22 مليار متر مكعب سنوياً توزع على الدولتين بحيث يحصل السودان على 14.5 مليار متر مكعب وتحصل مصر على 7.5 مليار متر مكعب ليصل إجمالي حصة كل دولة سنوياً إلى 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان.
ـ قيام السودان بالاتفاق مع مصر على إنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر بهدف استغلال المياه الضائعة في بحر الجبل وبحر الزراف وبحر الغزال وفروعه ونهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض، على أن يتم توزيع الفائدة المائية والتكلفة المالية الخاصة بتلك المشروعات مناصفة بين الدولتين.
ـ إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان. ثانياً: آليات التعاون الإقليمي
نظراً للمستجدات المستمرة ولطبيعة الدول العشر المشكلة لحوض النيل وما شهدته من تطورات بعد زوال الاستعمار، وحرصاً من مصر على مد جسور التعاون مع دول حوض النيل لما تشكله من عمق إستراتيجي لمصر وما يمثله النيل في حياة المصريين، فقد أصبح من الضروري إيجاد آليات جديدة للتعاون الإقليمي بين دول الحوض إلى جانب الاتفاقيات السابق الإشارة إليها، وقد بدأت بالفعل هذه الآليات منذ الستينيات من القرن العشرين على النحو التالي: 1ـ هيئة مياه النيل: تم إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان تحت مظلة اتفاقية 1959، تعمل على دراسة وإنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر، وكان أهم دراساتها أربعة مشروعات تقع جميعها داخل حدود السودان ولا تؤثر على دول المنبع الأخرى وتوفر 18 مليار متر مكعب سنوياً بعد انتهائها وهى:
ـ مرحلة أولى من مشروع قناة جونجلي.
ـ مرحلة ثانية من مشروع قناة جونجلى.
ـ مشروع مشار.
ـ مشروع بحر الغزال.
وتضم هيئة مياه النيل لجنة فنية تجمع خبراء البلدين ـ مصر والسودان ـ، وتجتمع دورياً لحل أي مشاكل تعترض تنفيذ اتفاقية 1959. 2ـ مشروع الهيدروميت: وهى تعنى دراسة الأرصاد الجوية والمائية لحوض البحيرات الاستوائية، وقد انطلق هذا المشروع عام 1967 بمشاركة خمس دول فقط من دول الحوض العشر وهى مصر وكينيا وتنزانيا وأوغندا والسودان، وانضمت إليه بعد ذلك رواندا وبوروندي والكونغو الديمقراطية ـ زائير آنذاك ـ، ثم انضمت إثيوبيا بصفة مراقب.
وبمقتضى هذا الاتفاق أقيمت محطات رصد في مجمعات الأمطار الرئيسية ـ بحيرات فيكتوريا وكيوجا وألبرت ـ وقد حظي بتمويل دولي من العديد من الدول المانحة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأرصاد العالمية، وقد تم هذا المشروع على ثلاثة مراحل وهى:
أـ الأولى من 1967 وحتى 1972 بتمويل من برنامج الأمم المتحدة.
ب ـ الثانية من 1976 وحتى 1980 بتمويل من برنامج الأمم المتحدة.
ج ـ الثالثة من 1981وحتى 1992 بدعم من الدول المتشاطئة. 3ـ تجمع الأندوجو: وتعنى الإخاء باللغة السواحيلية، وقد كانت مصر صاحبة فكرة إنشائه بتأييد من زائير والسودان، ويضم أغلب دول حوض النيل في منطقة شرق ووسط أفريقيا، وقد أُعلن عن إنشائه أثناء انعقاد المؤتمر الوزاري الأول لدول حوض النيل والذي عُقد بالخرطوم في نوفمبر 1983، وكانت أهداف التجمع:
أـ التشاور والتنسيق في المواقف بين دول المجموعة تجاه القضايا الإقليمية.
ب ـ دعم التعاون بين دول المجموعة في مجال التنمية.
ج ـ تبادل الخبرات في كافة المجالات بهدف دعم التعاون الإقليمي.
د ـ أن تنعقد اجتماعات الأندوجو في إطار التعاون الإقليمي الوارد طبقاً لخطة عمل لاجوس الاقتصادية الصادرة في 1980.
هـ ـ دعم التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء في الاتفاقية. غير أن هذا التجمع صادفته كثير من العقبات التي حالت دون تحقيق أهدافه ومن أهم تلك العقبات:
أ ـ نقص التمويل الكافي لتمويل مشروعاته.
ب ـ التنافس الدائم بين إثيوبيا والسودان على استضافة لجنة المتابعة الدائمة. 4ـ تجمع التيكونيل: وهو تجمع للتعاون الفني بين دول حوض النيل للتنمية وحماية البيئة، وقد أُنشئ هذا التجمع في ديسمبر 1992 بمشاركة ست دول كأعضاء عاملين وهم: مصر ـ السودان ـ تنزانيا ـ أوغندا ـ رواندا ـ الكونغو الديمقراطية. وحصلت باقي الدول على صفة مراقب، واستمر مشروع التيكونيل خلال الفترة من 1992 وحتى 1998، الذي يُعد أول آلية منظمة تجمع دول الحوض بخطة شاملة تضمنت 22 مشروعاً، من أهمها مشروع إعداد إطار للتعاون الإقليمي القانوني والمؤسسي بين دول حوض النيل الذي شكلت له لجنة فنية قانونية تضم ممثلين من دول حوض النيل تجتمع بشكل دوري عدة مرات كل عام، وقد تحولت تلك اللجنة في 2002 إلى لجنة تفاوضية مشتركة. 5ـ المكتب الفني الإقليمي للنيل الشرقي (الإنترو) هو مكتب إقليمي تم تأسيسه في مارس 2001 بالاتفاق بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا، يقع مقره في أديس أبابا. وقد تأسس المكتب بهدف بحث المشروعات المائية المشتركة والتي تم تجميعها في برنامج العمل لحوض النيل الشرقي، ويتضمن البرنامج عدة مشروعات في مجال مراقبة الفيضانات وتوليد الكهرباء من مياه النهر ومن بينها:
أ ـ إنشاء آلية مشتركة لمراقبة الفيضان والإنذار المبكر من خلال المشاركة في المعلومات وتحليل البيانات والسعي لتخفيف حدة الفيضان.
ب ـ مشروع استثمار تجارة الطاقة بين الدول الثلاث والدول الأخرى وإنشاء شبكات ربط كهربائي.
ج ـ مشروع إدارة أحواض الأنهار ويهدف إلى تقليل كميات الطمي المترسبة في بحيرة ناصر لتحقيق الفائدة والتعاون على المستوى الإقليمي.
د ـ مشروع للري والصرف والاستثمار المشترك في المشروعات الزراعية المشتركة.
هـ ـ مشروع إنشاء نموذج رياضي للنيل الشرقي يهدف للتخطيط للمشروعات ودعم متخذي القرار بالحلول والبدائل سعياً لتجنب أي آثار سلبية على أي من دول الحوض.
و ـ مشروع نهر السوباط ـ البارواكوبو ـ ويهدف إلى توفير كميات المياه الكبيرة التي تضيع في المستنقعات وإحداث تنمية متكاملة في مجال الزراعة والطاقة. 6ـ مبادرة حوض النيل: تم توقيعها في أغسطس عام 2000، وتتمثل أهميتها في أنها تمثل بداية تأسيس صيغة تعاقدية مؤسسية قانونية بين دول المنطقة تقوم على أساس تنموي اقتصادي يضم دول الحوض العشر من جانب، وتعبر عن وجود تطور ملحوظ يسعى إلى تلافي الإخفاقات التي شهدتها محاولات التعاون المشترك السابقة من جانب آخر، وهي بذلك تُعد محدداً للعلاقات المائية بين دول حوض النيل، كما تتمحور حولها تفاعلات المرحلة الراهنة. تهدف المبادرة إلى بناء الثقة بين دول الحوض في مجال المشروعات ذات المنافع المشتركة التي تشمل بناء خزانات ومشروعات الربط الكهربائي، بالإضافة إلى تطوير إدارة الإنذار المبكر للفيضانات والجفاف وأعمال الوقاية مثل مشروعات مكافحة التصحر والجفاف واستخدام المساقط لتوليد الطاقة الكهربائية في مواضع الخزانات المختلفة في إثيوبيا.
التغيرات المناخية و أثرها على مائية النهر


مياه نهر النيل وشبح التبخر









يحاول العلماء تحديد مصير نهر النيل في المستقبل تحت عباءة ظاهرة التغيرات المناخية ومايصاحبها من ارتفاع درجات الحرارة ،فبعض العلماء يرجح ارتفاع منسوب مياهه مع تزايد تبخر المياه بينما يرجع البعض الآخر جفاف نهر النيل نتيجة تبخر مياهه . وهذا الاختلاف فيما بين العلماء يؤدي إلى تزايد القلق فانخفاض منسوب المياه بنهر النيل سيصاحبه عجز كبير في إطعام شعب مصر البالغ عدده ملايين المواطنين كما سيصاحبه نقص حاد في الموارد الكهربائية . ويتطلب الجدل السائر بين العلماء ضرورة وضع سياسات وخطط لكيفية مواجهة التغيرات التي ستطرأ على النيل نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري .
ومساهمة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في وضع حد للحيرة بين العلماء اشترك المركز القومي لبحوث المياه ووزارة المياه والري المصرية بوضع برنامج يساعد في كيفية التخطيط ومنح الحلول المجدية في إدارة الموارد المائية بالإضافة إلى وضع تخيل للتغيرات المناخية لحوض النيل وتأثيرها عليه وكيفية تلاشي الآثار السلبية لهذه التغيرات .كما سيتم استغلال هذا البرنامج في تطوير ما تم وضعه من حلول أيا كان تأثير التغير المناخي على النيل سواء كان بزيادة منسوب المياه أو بانخفاضها وهو ما أكده محمد بيومي الخبير البيئي ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي . والاختلاف فيما بين العلماء يرجح أن يزيد منسوب المياه بنسبة 70% في مقابل ترجيح انخفاض المياه بنسبة 25% وقد استقى العلماء هذه النسب بسبب تغيير أنماط سقوط الأمطار, ويرى فريق أن النيل سيرتفع نتيجة تساقط مزيد من مياه الأمطار على الهضبة الإثيوبية بينما يرى البعض الآخر انخفاض المياه نتيجة زيادة التبخر . وفي تقرير صادر عام 2004 عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ورد فيه " أن ارتفاع درجات الحرارة ولو لدرجة واحدة سيؤدي إلى ظاهرة التبخر حيث إن كل درجة يقابلها انخفاض في منسوب المياه بنسبة 4%" . وفي ظل هذا الاختلاف والجدل المحتدم حول ظاهرة التغير المناخي وتأثيرها على مياه النيل سواء بالزيادة أو النقصان تم وضع العديد من الخطوات من قبل المنظمات، والهيئات المختصة لكي يتم إتباعها لتجنب الخطر الناتج عن انخفاض مياه النيل . كما قامت العديد من المنظمات المهتمة بشئون المياه والنيل والبيئة بوضع سياسات للتصدي للوضع السئ الناجم عن تبخر المياه وانخفاض منسوبها فقد قامت وزارة المياه والري بوضع خطة تتضمن كيفية تطوير الموارد المائية، وكذلك كيفية تنفيذ هذه الخطة بطريقة فعالة ومجدية, فيما قدمت منظمة التعاون، والتنمية الاقتصادية اقتراحا يتضمن تجميع مياه الأمطار وتحسين تقنياتها والعمل على زيادة استخراج المياه الجوفية وعمل احتياطي للمياه. وفي ظل هذه الكارثة المتوقعة قالت نهلة أبو الفتوح بالمركز القومي لبحوث المياه في القاهرة"لم تقم أى بلدة من بلدان حوض النيل بإجراء بحوث حول ظاهرة التغير المناخي وتأثيرها الفعلي على نهر النيل بينما تقوم مصر بإجراء العديد من الدراسات حول التوصل إلى حلول قاطعة للحد من ظاهرة التغيرات المناخية" ويعتبر انخفاض منسوب المياه كارثة بجميع المقاييس في مصر حيث إن نهر النيل شريان الحياة لجميع المصريين و يوفر 95% من إجمالي المياه التي تحتاجها مصر للأنشطة الزراعية، والصناعية والاقتصادية .
كما يتركز حوالي ثلث سكان مصر بدلتا نهر النيل التي لا تمثل سوى 2.5 % من مساحة مصر الكلية وهو أكبر دليل على عدم قدرة المصريين على الحياة بعيداً عن النيل.









التغير العالمي للمناخ وذوبان الجليد والطوفان القادم الكبير






على ما يبدو فإن زمن وفاق قوى الطبيعة مع الجنس البشري قد انقضي بلا رجعة، وعلى ما يبدو فإن الإنسان أصبح عدو محيطه، بل عدو نفسه الأول، وذلك بما اقترف من أفعال خاطئة وسلوكيات استهلاكية أقل ما توصف به أنها جائرة وتفوق قدرة أي نظام بيولوجي أو إيكولوجي على الاستمرارية وعلى التحمل.
ينجلي هذا بوضوح من ردة بعض نظم الأرض البيئية علينا، ومن انتشاء متسلسلة الزلازل والعواصف والأعاصير والفيضانات المدمرة من حالة المهادنة التي عقدتها معنا خلال الأزمنة الماضية، وينجلي أيضا من ترهل حالة كوكب الأرض، وإصابته بجملة من المشاكل والمخاطر البيئية المحدقة، ليس أقلها انتشار الأمراض والأوبئة الفتاكة والغامضة، وفقد التنوع الحيوي وانقراض الكائنات، وزيادة موجات الجفاف ودرجة التصحر.
فضلا عن تبدل أحوال المناخ وتنامي ظاهرة الاحتباس الحراري، صاحبة الفضل الأوحد فيما تعانيه المعمورة حاليا من سخونة غير معهودة، واتشاح وجه البشرية بكل معالم العرق والغرق والقلق.
بواعث التغير المناخي وتداعياتهمن بين كل القضايا والمشاكل البيئية الثائرة تبقى قضية تغير المناخ، هي القضية الأكثر سخونة والأكثر إلحاحا على المجتمع الدولي حاليا، وذلك بما تفرضه من تأثيرات وتداعيات مستقبلية خطيرة، ليس أقلها جفاف بعض الأنهار وغرق أجزاء شاسعة من المناطق الساحلية، وتبدل خريطة مناطق الإنتاج الزراعي في العالم، وغير ذلك مما لا طاقة لنا به أو مقدرة. والحقيقة أن ظاهرة الاحتباس الحراري هي الباعث الأكبر على ما يحدث من تغير مناخي، فالانبعاثات والغازات الصناعية الضارة التي ينفثها الإنسان بلا هوادة كل دقيقة، بل كل ثانية في محيطه، تتصاعد لتتركز في الغلاف الجوي مسببة ما يعرف بتأثير الصوبة الزجاجية وهي انحباس الحرارة في الحيز الجوي القريب من سطح الارض، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة هذا الحيز بشكل ملحوظ ومتنام.
وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة معدلات البخر، ومن ثم زيادة كميات السحب عن معدلاتها، وبالتالي تغير توزيع ونسب وتوقيتات سقوط الأمطار في العالم، كما يؤدي إلى تغيرات كبيرة في الضغط الجوي، ومن ثم تغير مسارات الرياح السائدة.
وهذا في مجمله يعني زيادة الجفاف والتصحر في مناطق محددة من العالم دون أخرى، ويعني نقص الموارد المائية ومياه الشرب في بعض المناطق ونماءها في مناطق أخرى.
كما يعني اختلال تركيبة المحاصيل الزراعية، وبالتالي تغير خريطة الإنتاج الغذائي العالمي، بل ليس بمستبعد في ظل هذا الوضع أن يتطور الأمر إلى حروب مسلحة ونزاعات إقليمية، نتيجة تزايد الصراع على موارد المياه، ونتيجة الخلافات التي ستفرضها الهجرات الجماعية الناشئة عن المجاعات والفيضانات وغيرها من الأزمات.
غير أن أخطر تأثيرات الاحترار العالمي تتمثل في ذوبان أجزاء شاسعة من الكتل الجليدية في القارة القطبية، وزيادة حجم الكتل المائية في المحيطات والبحار الداخلية، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع منسوب سطح البحر بشكل ملحوظ ومؤثر، وطغيان البحر بالتالي على أجزاء واسعة من اليابسة، فيما يشبه طوفانا ثانيا كبيرا، وإن بدا أن هناك فرصة سانحة للنجاة منه.
من التأثيرات الخطيرة أيضا التسبب في ضعف حركة التيارات الساحلية الدافئة في المحيطات وتغير مداها ومساراتها، وهذا بدوره سوف يجعل أوروبا الشمالية أكثر برودة، وسوف يتسبب في دمار مساحات متزايدة من الشعاب المرجانية والموائل البحرية الأخرى الحساسة المماثلة.
المؤسف والمحزن أن تداعيات التغير المناخي وآثاره سوف تكون أشد وأقسى على الفقراء وعلى البلاد الأكثر فقرا، وهذا لسبب بسيط، هو أنها الأقل استعدادا والأقل قدرة على مواجهة ومجابهة مخاطر وآثار تلك المشكلة الخطيرة.
المحزن أكثر أن التغير المناخي سيتسبب في فقد أشياء لن يكون بمقدرونا إرجاعها أو حتى تعويضها. ارتفاع مستوى البحر مثلا سوف يتسبب في اختفاء مساحات هائلة من غابات المانجروف الساحلية ومن الحيود المرجانية العالمية، وهي من أكثر الموائل البيولوجية إنتاجية ومن أكثرها نفعا للإنسانية.
كما سيتسبب في غرق أجزاء كبيرة من السواحل خاصة أمام الدلتاوات البحرية، التي تعد من أكثر المناطق خصوبة ومن أكثرها غنى بالمصايد السمكية، كما هو حال دلتا نهر النيل، ودلتا نهر الميكونج بالصين، ومنطقة شط العرب، وغيرها.
تغير المناخ بين الاستنفار العالمي والسبات العربياللافت أن الاهتمام العالمي بقضية التغير المناخي قد بلغ درجة عظيمة لم تبلغها سابقا أي قضية علمية مماثلة، ومن معالم ذلك، حمل مجلس الأمن الدولي على مناقشتها وبحث تداعياتها، وهو أمر جديد تماما على مجلس أممي معني أساسا ببحث النزاعات والصراعات الدولية، وهذا وحده يوضح مدى خطورة الأمر ومدى الاهتمام والاستنفار العالمي به.

الغريب أنه في ظل هذا الاهتمام العالمي، وفي ظل تزايد عدد المبادرات والحملات والجهود البيئية الصادرة يوميا من مختلف أرجاء الأرض، بغرض إنقاذ الموقف والتعامل معه، لم نسمع عن إجراء أو نشاط عربي جدي واحد، يذكر العالم بأننا معنيون بالأمر، سواء كان هذا على مستوى التخطيط الإستراتيجي أو التوعية العامة أو خلافه.
فعلى صعيد التخطيط الإستراتيجي لم تكلف أي حكومة عربية نفسها بوضع أي خطط مستقبلية سواء لمواجهة مخاطر التغير المناخي، أو لإعادة تخطيط استخدامات الأراضي الساحلية الحالية، بما يتناسب مع الواقع المستقبلي، وبما يتناسب أيضا مع متطلبات التنمية.
المنطقة العربية تزخر مثلا بما لا يقل عن 20 ألف كيلومتر من السواحل الممتدة، يقطن بالقرب منها وعلى مشارفها ما لا يقل عن ثلثي السكان العرب، ومع ذلك لا زالت هناك مشاريع حيوية بل ومنشآت إستراتيجية هامة، تقام عليها كل يوم، وهذا دون اعتبار حجم الخسارة الناتجة، إذا ما تعرضت هذه السواحل لخطر الغرق مستقبلا.
نفس الأمر ينطبق على مستقبل الإنتاج الزراعي في بلادنا، وعلى احتياجتنا من الموراد المائية، حيث لم تهتم غالبية دول المنطقة بإيجاد أو بتطوير بدائل زراعية مناسبة، ولا بالبحث عن سبل لتنمية مواردها المائية أو ترشيد استهلاكها المائي.
الأسوأ من هذا أن يعمد بعض المسؤولين العرب إلى التهميش والتهوين من الأمر بشكل فج ومبالغ فيه، تارة بحجة عدم إثارة البلبلة، وتارة أخرى بالادعاء بأننا مستهدفون وأن هناك مؤامرة!
مثال ذلك ما صرح به مسؤول كبير في الحكومة المصرية الحالية، وهو بالمناسبة عالم متخصص في المياه والري، في تعليق له على تصريحات وزيرة الخارجية البريطانية بتعرض نهر النيل للجفاف ودلتاه للغرق نتيجة التغير المناخي، بأن هذا التحذير له "مضمون سياسي" ولا يهدف سوى إلى "إثارة البلبلة" بين دول حوض النيل!
هذا على مستوى الإدارة وعلى مستوى التخطيط الإستراتيجي، أما على صعيد البحث العلمي وهو قطاع مهم للغاية في هذه القضية، فالأمر يثير حقيقة كثيرا من الحزن والشجن.
الداعي لهذا أن الدوريات العلمية العالمية تكاد تخلو، على مدار عقد أو أكثر من النشر العلمي، من بحث عربي واحد ممنهج ومتكامل عن الآثار الإقليمية للتغير المناخي، وهذا رغم الحاجة الماسة لمعرفة مدى تأثير هذه الظاهرة على مستقبل المنطقة وعلى ثرواتها ومقدراتها.
الملاحظ أيضا غياب المؤسسات العلمية ومراكز البحوث العربية عن جميع الفعاليات والأنشطة العلمية الدولية المنوطة ببحث ظاهرة التغير المناخي، ويكفي هنا أن نذكر أن جميع الدراسات والتقارير الدولية الصادرة بشأن هذه المسألة لم تتصدر مطبوعاتها للأسف أسم هيئة علمية عربية واحدة، كما لم يقدم أي مركز بحثي عربي أي مساهمة أو جهد يذكر لتقديم ولو رؤية مغايرة بشأنها.
معطيات غائبة بشأن الطوفان المنتظر
ينبغي القول بأن الصورة ليست غاية في القتامة بشأن تداعيات التغير المناخي، فمع التسليم بأن هناك فعلا عددا من التأثيرات والتداعيات السلبية والخطيرة، كما أوضحنا آنفا، هناك أيضا بعض المعطيات والاعتبارات الإيجابية التي قد تضيء المشهد قليلا، نذكر منها هنا تلك المتعلقة بغرق المناطق الساحلية، وطغيان البحر، باعتبارها من أخطر تداعيات التغير المناخي، وأكثرها جسامة:
أولى هذه الاعتبارات أن ارتفاع مستوى البحر بسبب الاحترار العالمي وذوبان الكتل الجليدية هي فرضية مشروطة باستمرار معدلات التلوث الجوي على النحو السائد حاليا ومشروطة أيضا بعدم قدرة المجتمع العالمي على الحد من الغازات والانبعاثات الضارة المحفزة على التغير المناخي وأبرزها ثاني أكسيد الكربون.
وهذا معناه أنه لازال هناك أمل وبادرة أن يتم درء وتجنب ذلك الخطر، ولعل تعاظم وتشديد الجهود الدولية في الفترة الأخيرة، وليونة موقف أميركا، أكبر ملوث في العالم حاليا، تجاه المبادرات والاتفاقيات الهادفة للحد من الانبعاثات الضارة توحي وتزيد من هذا الأمل.
ثانيها أن مستوى سطح البحر أيا كان مقداره، وغرق أجزاء من السواحل أيا كان موقعها، لن يحدث بين يوم وليلة أو فجأة كما يتخيل البعض، بل سيأخذ ذلك بعض الوقت، وبالتالي ستكون هناك فرصة أكيدة لإجلاء وتهجير ساكني وقاطني هذه السواحل، ما يعني اقتصار مشكلة ارتفاع مستوى سطح البحر على الأضرار باقتصاديات هذه المناطق وعلى فقد مساحات شاسعة من الأراضي الساحلية، وهي مع الاعتراف بأنها من الخسائر الفادحة، فالأمر لن ينطوي على غرقنا فجأة كما هو معتقد.
ثالث هذ الاعتبارات أنه مقابل وجود احتمالية لارتفاع مستوى البحر بسبب أنشطة الإنسان الصناعية وغازات الدفيئة المنبعثة منها، هناك أيضا وفي المقابل احتمالية لحدوث تغير طبيعي (انخفاضا أو ارتفاعا) في مستوى البحر.
وهي ظاهرة طبيعية تعرف باسم, (التغيرات الثابتة في مستوى سطح البحر) تطال البحر تلقائيا كل فترة، ما يعني أن الظروف قد تكون رحيمة بنا بعض الشيء، وهذا إذا ما حدث انخفاض طبيعي في مستوى البحر، متزامن مع ذوبان الكتل الجليدية أو قبلها، ما يعني التخفيف من آثار الارتفاع الإجمالي الحادث.
ورابعها أن وضع مخاطر التغير المناخي في الاعتبار والاستعداد لها لا يعني بالضرورة هجر الأراضي الساحلية المنخفضة إلى مواقع داخلية مرتفعة، ولا يعني نثر البحر بحواجز بحرية ضخمة أو مصدات خرسانية باهظة التكلفة، بل يعني وضع خطة محكمة لاستخدام تلك الأراضي في إطار تخطيط إستراتيجي يتفق مع المخاطر المنظورة، ويتفق مع طبيعة هذه الأراضي، بحيث يتم تجنب عدم إقامة منشآت إستراتيجية أو حيوية بها.
العودة إلى الفطرة الأولى
لم يعد هناك شك في حقيقة أن المناخ يتغير من حولنا، كما لم يعد هناك شك في أن العالم يسير بهذا الشكل إلى ظلمات ومجاهل، لا يعلم مداها إلا الله.
مشكلة التغير المناخي ليست إذن بالمشكلة الهامشية أو الهينة، بل هي أخطر ما يواجه المجتمع البشري حاليا، لذا ينبغي علينا جميعا، أفرادا وجماعات دولا وتكتلات، عدم التواني في التعامل معها، وفي بحث كل السبل من أجل وقف تداعياتها المستقبلية.
إن التلكؤ في تنفيذ هذه الخطوة أو الممانعة فيها لن يزيد الأمر إلا تعقيدا ولن يزيد كوكبنا البائس إلا سخونة والتهابا، وبالمثل فإن التوسع في الجدل الدائر بشأن مسؤولية الإنسان والغازات الصناعية فيما يحدث من تغير مناخي، وبالتالي بشأن جدوى الإجراءات المتخذة لعلاجه لن يفيد في شيء، لأن ترشيد استخدامنا للطاقة والكف عن نفث سمومنا وغازاتنا الضارة في متنفسنا المحيط سيبقى في جميع الأحوال فضيلة كبيرة ومعلما من معالم التحضر، التي يفترض أن نتميز به عن بقية المخلوقات الأخرى.
ينبغي إذن على الجميع القيام بالمسؤولية الواجبة عليه تجاه درء هذا الخطر الداهم. والواقع أنه بإمكان كل واحد منا المساهمة في إنقاذ مستقبل الأرض، وفي إنقاذ أولاده وأحفاده من براثن الطوفان القادم، وذلك بأن يزيد من اخضرار تصرفاته وأعماله اليومية، وبأن يعود إلى فطرته الأولي المحبة والمراعية لقدرات النظم البيئية المحيطة، هذا هو الرجاء، أما القضاء فلا نسأل الله سوى اللطف فيه.



هل تبدأ حروب المياه من حوض النيل؟

في عام 1929 أبرمت الحكومة البريطانية -بصفتها الاستعمارية- نيابة عن عدد من دول حوض النيل (أوغندا وتنزانيا وكينيا) اتفاقًا مع الحكومة المصرية يتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه‏ النيل، وإن لمصر الحق في الاعتراض (الفيتو) في حالة إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر وروافده، وتبع هذا اتفاقية مصرية سودانية عام 1959 تعطي لمصر حق استغلال 55 مليار متر مكعب من مياه النيل من أصل 83 مليار متر مكعب تصل إلى السودان ليتبقى للخرطوم 18 مليار متر مكعب من مياه النيل.
ومنذ استقلال دول حوض النيل وهناك مطالبات متزايدة من جانب حكوماتها بإعادة النظر في هذه الاتفاقيات القديمة، بدعوى أن الحكومات القومية لم تبرمها ولكن أبرمها الاحتلال نيابة عنها، وأن هناك حاجة لدى بعض هذه الدول خصوصًا كينيا وتنزانيا لموارد مائية متزايدة؛ حتى إن دولة مثل تنزانيا أعلنت منذ استقلالها أنها ترفض هذه الاتفاقية من الأصل، ولا تعترف بها، بيد أن الرد المصري كان دومًا يطالب باحترام الاتفاقات التاريخية المبرمة كي لا تتحول القارة الأفريقية إلى فوضى.
وقد ظلت دول منابع النيل (خاصة تنزانيا وكينيا وأثيوبيا) تطالب دومًا بتعديل الاتفاقية، وتهدد بتنفيذ مشروعات سدود وقناطر على نهر النيل تقلل من كميات المياه التي ترد إلى مصر، بيد أن هذه التهديدات لم ينفذ أغلبها، وقابلتها القاهرة بمحاولات تهدئة وتعاون فني واقتصادي وأحيانًا تقديم مساعدات لهذه الدول خصوصًا أوغندا.
ويبدو أن ثبات كميات المياه وتزايد سكان دول حوض النيل، وزيادة المشاريع الزراعية، إضافة إلى تدخل جهات أجنبية بالتحريض (إسرائيل وأمريكا)، يدفع تدريجيًّا باتجاه كارثة مستقبلية في المنطقة؛ لأن دول مصب النيل (خصوصًا مصر التي تعتمد على النيل بنسبة 95% لتوفير المياه) تعتبر مياه النيل مصدر حياتها وترفض تغيير الاتفاقات القديمة بل وتطالب بزيادة حصتها من المياه، وبالمقابل تعتبر دول المنبع أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق بالتالي ليس فقط في حجزها في سدود، ولكن في بيعها أيضًا لمصر والسودان!!
صحيح أن مصر اتبعت إستراتيجية التعاون والتهدئة مع دول الحوض والسعي لمساندة هذه الدول في زيادة مواردها المائية وتنمية مشروعاتها الزراعية (بدون تأثير على حصة مصر)، كما حدث مع أوغندا بمساعدتها عام 1949 في إنشاء قناطر شلالات أوين لتوليد الكهرباء من بحيرة فكتوريا ثم تعليتها عام 1991، بيد أن تصاعد التهديدات من جانب كينيا وتنزانيا وأثيوبيا بتنفيذ مشاريع مستقلة على مجرى النيل، وبدء بعضها ذلك بالفعل أعاد فتح الملف مرة أخرى وسط مخاوف من أن تبدأ حروب المياه من حوض النيل.
المشاريع المستقلة تشعل حوض النيل
فقد عادت المناوشات بين دول حوض النيل (عشر دول) للظهور مرة أخرى خاصة بين مصر وتنزانيا في أعقاب صدور تصريحات لوزير الثروة المائية التنزاني في فبراير 2004 قال فيها: إن بلاده ترغب في تزويدها بمياه بحيرة فيكتوريا عبر أنابيب تمتد بحوالي 170 كيلومترًا لتوصيلها إلى حوالي 24 قرية وأجزاء واسعة في الشمال الغربي لبلاده تتعرض -كما قال- لأزمة المياه والجفاف؛ الأمر المتوقع أن ترفضه مصر والسودان باعتبارهما من دول المصب لنهر النيل؛ لأنه سيؤثر على حصتهما من المياه.
وزاد الوزير التنزاني الأزمة اشتعالاً بقوله: إن الاتفاقيات المائية المبرمة في عهد الاستعمار (يقصد اتفاق 1929 بين مصر وبريطانيا لتنظيم استفادة مصر من بحيرة فكتوريا) التي تعطي الحق لمصر أن توافق أو لا توافق على أي مشروع يقترحه أي طرف من أطراف دول حوض النيل للاستفادة من المياه "لا تلزم بلاده"!! وإنها لن تلتزم بهذا الاتفاق وستمضي قدمًا في إنشاء مشاريعها دون استشارة مصر، مشيرًا إلى أن المشروع سيبدأ مارس 2004 لينتهي العمل فيه عام 2005 بتكاليف 7807 ملايين دولار!
وقد لوحظ أنه أعقب تصريحات الوزير التنزاني حالة من القلق المصري، وترأس الرئيس المصري مبارك اجتماعًا وزاريًّا ضم وزراء الدفاع والإعلام والخارجية والموارد المائية والداخلية تناول مشروعات التعاون بين دول حوض النيل عمومًا: (كينيا وتنزانيا ومصر وأوغندا والسودان وبورندي ورواندا والكونغو وأثيوبيا وأريتريا).
ولكن ظل التعامل المصري مع ذلك هادئًا، حيث تمت الموافقة خلال هذا الاجتماع على مذكرة وزير الموارد المائية المصري حول تقديم كل العون والتنسيق مع دول حوض النيل سواء داخل المبادرة أو خارجها في مجال التدريب أو تبادل الخبراء والمساعدة في إيجاد التمويل اللازم للمشروعات التي تعود بالفائدة على دول الحوض، وذلك "في إطار احترام حقوق حصص المياه التي حددتها الاتفاقيات القائمة"، كما تقرر أن يقوم وزير المواد المائية المصري محمود أبو زيد في مارس 2004 بجولة في أوغندا وكينيا وبوروندي.
وتعود الأزمة المائية بين مصر ودول الحوض إلى تاريخ إعلان استقلال "تنجانيقا"، ثم وحدتها مع "زنزبار" في دولة تنزانيا عام 1964، حيث أصدر الرئيس التنزاني في ذلك الوقت "نيريري" إعلانًا باسم "مبدأ نيريري" يقول بعدم الاعتراف بالاتفاقيات التي عقدتها الدولة الاستعمارية قبل إعلان الاستقلال ومن بينها اتفاقية 1929.
وقد انضمت إلى هذا المبدأ أوغندا وكينيا وطلبت الدول الثلاث من مصر التفاوض معها حول الموضوع، ثم وقعت تنزانيا مع رواندا وبوروندي اتفاقية نهر كاجيرا عام 1977 التي تتضمن بدورها عدم الاعتراف باتفاقات 1929، بل وطلبت حكومة السودان بعد إعلان الاستقلال أيضًا من مصر إعادة التفاوض حول اتفاقية 1929.
كذلك أعلنت أثيوبيا رفضها لاتفاقية 1929 واتفاقية 1959 في جميع عهودها السياسية منذ حكم الإمبراطور ثم النظام الماركسي "منجستو" وحتى النظام الحالي، بل وسعت عام 1981 لاستصلاح 227 ألف فدان في حوض النيل الأزرق بدعوى "عدم وجود اتفاقيات بينها وبين الدول النيلية الأخرى"، كما قامت بالفعل عام 1984 بتنفيذ مشروع سد "فيشا" -أحد روافد النيل الأزرق- بتمويل من بنك التنمية الأفريقي، وهو مشروع يؤثر على حصة مصر من مياه النيل بحوالي 0.5 مليار متر مكعب، وتدرس ثلاثة مشروعات أخرى يفترض أنها سوف تؤثر على مصر بمقدار 7 مليارات متر مكعب سنويًّا.
أيضًا أعلنت كينيا رفضها وتنديدها -منذ استقلالها- بهذه الاتفاقيات القديمة لمياه النيل لأسباب جغرافية واقتصادية، مثل رغبتها في تنفيذ مشروع استصلاح زراعي، وبناء عدد من السدود لحجز المياه في داخل حدودها.
ويقول الكينيون: إن بحيرة فيكتوريا هي أكبر مصدر للمياه العذبة في العالم، إلا أن كينيا لا تستطيع أن تستخدمها حتى لأغراض الزراعة بسبب بنود معاهدة حوض النيل، ويلقون باللوم على المعاهدة في أن 67% من الأراضي الزراعية الكينية غير قابلة للزراعة، على الرغم من أن الزراعة هي الدعامة الأساسية للاقتصاد الكيني؛ حيث تساهم فيه بنسبة 80%.
وقد صعّدت كينيا الأمر في 11-12-2003 بإعلان نيتها الانسحاب من معاهدة حوض النيل التي أبرمت أو وقع عليها عام 1929، ومرّر البرلمان الكيني بيانًا يطلب من الحكومة إعادة التفاوض على معاهدة حوض النيل؛ الأمر الذي علق عليه وزير الري والموارد المائية المصري محمود أبو زيد خلال اجتماعات مؤتمر وزراء الري الأفارقة في أثيوبيا في ديسمبر 2003 بوصفه بأنه "عمل خطير جدًّا من جانب طرف واحد.. إنه يرقى إلى إعلان حرب.. وبالقطع فإن خبراءنا القانونيين سيدرسون الرد المصري على ذلك".
وتساءل: "كيف يتسنى لكينيا أن تستفيد من وراء الانسحاب من المعاهدة؟ إن هذا التصرف سيضر ضررًا بليغًا بالتعاون، وإذا نظرت إلى هذا الأمر من وجهة قانونية فستعرف أنه عمل غير صائب". واستبعد أبو زيد مع ذلك نشوب حرب في حوض النيل بسبب المياه، معتبرًا أن ذلك أمر غير وارد على الإطلاق.
حلول مصرية للأزمة
وقد ردت مصر على كل ذلك بإعلان أن ما سبق من اتفاقيات (أثناء الاستعمار) يظل ساريًا طبقًا لمبدأ التوارث الدولي (وهو ما أقرته أيضًا منظمة الوحدة الأفريقية) إلى أن تحل اتفاقيات تفاوضية جديدة محل الاتفاقيات القديمة، وأن تكون هذه الاتفاقيات برضاء جميع الأطراف المعنية، وسعت لإنشاء آلية لفض المنازعات بين دول الحوض منعًا لتفاقم المشاكل.
كما طرحت مصر على لسان الدكتور محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والري -في الدورة الجديدة لوزراء مياه دول حوض النيل التي تعقد في نيروبي منتصف مارس 2004- فكرة استفادة دول الحوض بجزء من الفواقد المائية للتساقط المطري على حوض النيل، وإنشاء صندوق لتمويل المشروعات يلحق بالبنك الأفريقي للتنمية بصورة مؤقتة، وعقد اجتماع للجنة التفاوض المشتركة حول الإطار المؤسسي والقانوني لمبادرة آلية حوض النيل، وشددت رغم ذلك على التمسك بمبدأ الحقوق التاريخية لاستخدامات مصر لمياه النيل.
أيضًا من المتوقع أن تناقش قمة الاتحاد الأفريقي في سرت بليبيا (مارس 2004) بحضور رؤساء دول حوض النيل مشكلة المياه عمومًا في القارة السوداء، وأن تؤكد مصر على أن مسألة مياه النيل من الأمور "الإستراتيجية" بالنسبة لها، على اعتبار أن مصر بحاجة اليوم إلى 73 مليار متر مكعب من المياه لمشاريعها الزراعية التي تغطي 4% فقط من مساحة البلاد، ويقول خبراؤها إن هناك مع ذلك عجزا في المياه تعاني منه مصر بنحو 24 مليار متر مكعب.
كذلك سعت القاهرة لتلطيف الأجواء ونفي ما يثار عن بيع دول المنبع المياه لدول المصب، ومنها تصريح لوزير الري المصري محمود أبو زيد لصحيفة الأهرام المصرية الرسمية 15 فبراير 2004 أكد فيه -عقب عودته من اجتماعات خبراء ووزراء المياه والزراعة في أفريقيا- أن وزراء المياه في أوغندا وتنزانيا وكينيا أكدوا له أن ما يثار عن بيع المياه لمصر لا يعبر عن المواقف الرسمية للحكومات الأفريقية، ولا يتعدى كونه تصريحات صحفية لا تعبر بالمرة عن المواقف الرسمية وآراء الحكومات التي تلتزم بها.
ونقل الوزير المصري عن وزراء حوض النيل أن حكوماتهم جادة في دعم مبادرة آلية حوض النيل والرؤية الشاملة ومشروعات الأحواض الفرعية للنيل مع دعمها أعمال لجنة التفاوض التي بدأت اجتماعاتها في يناير 2004 بأديس أبابا.
وكانت دول الحوض قد اتفقت في اجتماعها الوزاري في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا سبتمبر 2003 على "آلية جديدة لحل نزاعات دول حوض النيل" والاتفاق على حل أي نزاع مائي بين دول الحوض بالطرق الودية دون اللجوء إلى استعمال القوة، بحيث تساهم الصناديق الدولية والدول المانحة والغنية في تمويل هذه المشروعات لصالح شعوب دول الحوض.
كما اتفقوا على ضرورة عقد اجتماعات وطنية بكل دولة من دول الحوض للتعريف بأهمية مبادرة آلية "نهر النيل الجديدة"؛ وذلك لدرء أي محاولات للوقيعة بين شعوب وحكومات دول الحوض، وقرروا البدء في تنفيذ أول المشروعات المشتركة طبقًا للآلية الجديدة في بداية شهر أكتوبر المقبل، والممولة من الجهات الدولية المانحة بمبلغ 25 مليون دولار بهدف اقتسام مياه النيل.
وهذه المبادرة (مبادرة حوض النيل) التي تهدف إلى بناء الثقة بين دول النيل تتصل بمشروعات ذات منافع مشتركة، وتشمل بناء خزانات ومشروعات الربط الكهربائي، بالإضافة إلى تطوير الإدارة المبكرة للفيضانات والجفاف وأعمال الوقاية مثل مشروعات مكافحة التصحر والجفاف والمساقط لتوليد الطاقة الكهربائية في مواضع الخزانات المختلفة في أثيوبيا.
والحقيقة أن محاولات إبرام اتفاقات تعاون بين دول الحوض جرى تنشيطها في أعقاب إعداد التجمع البرلماني لجماعة دول شرق أفريقيا (كينيا وأوغندا وتنزانيا) تقريرًا في أغسطس 2003 حول اتفاقية ماء النيل عام 1929 بين مصر وبريطانيا انتهى للمطالبة بمراجعة نصوص الاتفاقية مع اقتراح بيع مياه البحيرات العظمى لمصر والسودان؛ وهو ما أثار أزمة كبيرة وبوادر حرب مياه في المنطقة.
وخلال شهر ديسمبر 2003 وفي مناسبة انعقاد مؤتمر وزراء مياه عموم أفريقيا، ثم المؤتمر الوزاري لدول حوض النيل العشر تفجر النقاش حول الموضوع في الصحافة المصرية، وقد ألقى الوزير المصري محمود أبو زيد محاضرة حول "السياسات المائية في دول حوض النيل" نشرتها صحف القاهرة في يناير 2004 تتضمن جوانب قانونية خاصة بمبدأ التوارث الدولي وجوانب سياسية وتنظيمية خاصة بالسياسة المصرية التي تتخذ أسلوب التعاون بدلاً من المواجهة؛ وهو ما أدى إلى النجاح في تجاوز أزمة نشبت في ذلك الوقت بين مصر وكينيا، أعقبها بدء طرح آلية التعاون وفض المنازعات.
ويوازي التحركات المصرية لتبريد أزمة المياه المشتعلة محاولات حثيثة لزيادة موارد مصر من مياه النيل، خصوصًا مع ترقب إبرام اتفاق تسوية سلمية للنزاع في جنوب السودان سوف يسهم في إحياء مشروع قناة جونجلي وتجفيف مستنقعات الجنوب لتحصل مصر والسودان على حوالي 8 - 10 مليارات متر مكعب إضافية من مياه النيل.
حيث بدأت أعمال حفر هذه القناة (بطول 360كم) عام 1978 وتوقفت عام 1984، أي بعد عام من اندلاع الحرب في الجنوب السوداني؛ بسبب غارة قام بها المتمردون على موقع العمل في هذا المشروع.
القضية بالتالي خطيرة رغم محاولات التخفيف منها، وربما تكون مبادرة حوض وآلية فض المنازعات المطروحة بين دول الحوض، إضافة إلى المبادرات المصرية بالتعاون مع دول منابع النيل كلها مسكنات ومهدئات للأزمة، ولكن المشكلة أن احتياجات كل دولة من المياه لمشاريع الزراعة تزداد، والتحريض الدولي أيضًا يزداد بسبب مطامع تاريخية صهيونية في المياه وثأر غربي تاريخي مع مصر، ومحاولات لاستغلال هذا الملف في الضغط عليها.
أما أخطر ما في الحلول المطروحة لحل مشكلة المياه في حوض النيل فهو أنها في الأساس مبادرات أوربية ودولية وليست نابعة من دول المنطقة؛ وهو ما يفتح الباب أمام التدخلات الدولية في المنطقة؛ ولهذا يبدو التحدي الأول أمام مصر والسودان لحل هذه المشكلة هو تقوية أواصر التعاون المباشر مع دول النيل والدخول في مشاريع تنمية مشتركة لدول الحوض.


المراجع

www.aljazeera.net
www.islamonline.ne
www.moheet.com
www.sis.gov.eg
www.kenanaonline.com
www.tariqel3lm.com

أتمنى أن يكون الله -عز و جل - قد وفقنى فى إعداد هذا البحث الذى لم أدخر وسعا و لم آل جهدا فى إعداده
وفقنا الله و إياكم إلى الأمام دائما

أعد البحث و صمم موقعا له على الإنترنت
http://www.egyniler.blogspot.com
الطالب / محمود أحمد عبد القادر على
كلية الطب البيطرى جامعة أسيوط الفرقة الأولى 2009
موقعه على الإنترنت www.drmahm.tk
www.drmahm.net.ms
البريد الإلكترونى drmahmk@hotmail.com
العنوان : مصر – المنيا – ملوى – 26 ش الحسينى – بركات – ر.ب 61631
محمول/0020119809640 - 0020185891835